أثر اليهودية في الحياة الأوروبية

أثر اليهودية في الحياة الأوروبية | مرابط

الكاتب: عبد الرحيم السلمي

513 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

استطاع اليهود أن يؤثروا تأثيرًا كبيرًا في الحياة الأوروبية، فكيف تم ذلك؟

 

اليهود كانوا عند الغربيين مذمومين، فالغربيون كانوا يذمونهم وكانوا يسبونهم، وكانوا يعتبرونهم شريرين، وكانوا يذلونهم إذلالًا كبيرًا، فلما بدأت الثورة في فرنسا -وهي التي يسميها كثير من الكتاب اليوم: ثورة النور- كانوا ممن ناصرها، وسنلاحظ ما هي النتائج التي حصلت لهذه الثورة الفرنسية.

 

وممن رتب لها الجمعيات الماسونية التي كانت منتشرة في تلك الفترة في فرنسا، وكانت الجمعيات الماسونية تأخذ تعليماتها من اليهود، وأنتم تعلمون أن النفسية اليهودية مبنية على أنهم شعب الله المختار، وعلى أن الأممين جميعًا بما فيهم المسلمين والنصارى وأيضًا الأديان الأخرى جميعًا كلهم يعتبرونهم حميرًا يركبهم شعب الله المختار، وهذا ما ينص عليه التلمود عندهم.

 

والتلمود هذا هو: عبارة عن خطط وأفكار كتبها زعماء اليهود، وهي ليست من التوراة ولا علاقة لها بالتوراة.

 

فاستغل اليهود رغبة الجماهير في الخروج على رجال الدين وعلى الحكام أو الإقطاعيين الذين كانوا يحكمون الإقطاعيات، وكان بالإمكان لو لم يستغل اليهود هذه الفرصة أن يثور النصارى هؤلاء على رجال الدين، فيمنعون هؤلاء الرجال المفسدين للدين، ويبقى فيهم احترام للدين واحترام للأخلاق واحترام للآداب؛ لأن المرأة -مثلًا- في تلك الفترة -يعني: في زمن الإقطاع- لم تكن متبرجة، بل كانت تضع على رأسها منديلًا، وتلبس الأكمام الطويلة والملابس الضافية، ولا تكشف إلا وجهها، لكن لما دخل اليهود في هذه الثورة وجهوها وجهة سيئة كان لها آثار كبيرة جدًا في المجتمع الغربي نشاهدها الآن، فكيف وجهوها؟

 

وجهوا غضبة الجماهير لقدح الدين نفسه، فإنهم أوحوا لهم من خلال الخطب التي كانوا يلقونها ومن خلال تحريم الناس، ومن خلال النظريات العلمية التي أحدثوها فيما بعد، أوحوا إليهم أن سبب التخلف الواقع في أوروبا هو بسبب الدين، أيًا كان هذا الدين، سواء كان دينًا صحيحًا أو دينًا باطلًا، فلما اقتنع الجماهير بأن الدين هو السبب ظهر الإلحاد، وظهر في المجتمع الغربي من ينكر وجود الإله، ومن يضحك على الرسل ويستهزئ بهم، وظهر في المجتمع الغربي نظريات مبنية على الإلحاد، وسيأتي معنا شيء منها عند التفصيل بإذن الله تعالى.

 

إذًا: وجه اليهود الثورة الفرنسية لضرب الدين نفسه، فكانت الثمرة ظهور الإلحاد، هذا من جهة الدين، فإنهم غضبوا على رجال الدين.

 

وأما من جهة السياسة فاليهود كما تعلمون محتقرون، واليهود يعتبرون شريرين خبثاء، فوجهوا الجماهير أيضًا إلى الديمقراطية، وقالوا: إن الحكومات لا يجوز أبدًا أن تبقى بيد رجل واحد، بل لا بد أن تكون مشتركة من الجماهير جميعًا، الشعب كله يشارك فيها، يشارك في سن القوانين، ويشارك في سن الأنظمة، بغض النظر عن الدين أو الأخلاق أو الجنس أو اللون، فما دام أن الإنسان في بلد واحد، وأنه يحمل جنسية هذا البلد فله حق التصويت حتى ولو كان على أي دين، وحينئذٍ ألغيت الاعتبارات القومية في الديمقراطية، وألغيت الاعتبارات العرقية، وألغيت الاعتبارات الدينية، فكانت هذه فرصة مناسبة لمشاركة اليهود في العمل السياسي مع الغربيين.

 

أما من جهة الأموال فإن الفترة التي ظهرت فيها الثورة الفرنسية كانت فترة نشوء الصناعة في أوروبا، ولما نشأت الصناعة كان في ذلك تحول ونقلة جذرية في المجتمع، فانتقلوا من مجتمع يعتمد على الزراعة -والزراعة قديمة، والربح فيها مضمون- إلى المجتمع الصناعي الجديد الذي لا يعرفون طبيعته وقد يفشلون، فكثير من أصحاب الأموال خصوصًا أصحاب الكنيسة ورجال الإقطاعيين السادة أو النبلاء ما كانوا يريدون أن يضعوا أموالهم في أيدي هؤلاء أصحاب الصناعة؛ لأنهم لا يعلمون هل تنجح أو لا تنجح، فجاء اليهود واتفقوا مع أصحاب الصناعة الذين يريدون إنشاء مصانع وتحريك العمل الصناعي على أن يقرضوهم بالربا.

 

وأنتم تعلمون أن اليهود هم أهل الربا وسادته، فيعطونهم أموالًا ويقولون: تردون هذه الأموال وعليكم زيادة نسبة بقدر كذا، فهم استطاعوا أن يحفظوا أموالهم من جهة فلم تتعرض للخطر والمغامرة، فهم لم يدخلوا معهم شركاء وإنما دخلوا مقرضين، واستطاعوا أن يكسبوا بالربا، فكونوا أول فكرة للإقراض بالربا، وهي التي يعيش عليها أكثر العالم اليوم مع الأسف، فمثلًا: شخص عنده صناعة، وعنده عمل يريد أن يقوم به، يقترض من صاحب مال ويأخذ المال هذا ويعطيه ربحًا أو فائدة -كما يسمونها- بقدر كذا، فهو يعمل فيه، فإذا جاءته نتائج العمل أعطاه نسبة وأخذ الباقي، فكون اليهود بهذه الطريقة رأس مال ضخم جدًا، واستطاعوا أن يؤثروا في الحياة الاجتماعية من خلال الإعلام فيما بعد، فإن الذي يشكل عقليات الناس هو الإعلام كما هو معلوم، وحينئذٍ استطاع اليهود أن يوجهوا العقلية الأوروبية بهذه الطريقة، فأصبح اليهود هو الراكب على ظهر الحمار الأوروبي الذي وجه كما أرادوا؛ ولهذا تلاحظون اليوم أن اليهود يؤثرون تأثيرًا كبيرًا جدًا في مجريات الحياة الغربية، وتلاحظون أن الغرب اليوم متحمس لليهود تحمسًا كبيرًا، فما هو سر هذا التحمس؟

 

هذه قضية واضحة، نشأتها التاريخية من الثورة الفرنسية تقريبًا.

 


 

المصدر:

محاضرة نشأة المذاهب في الغرب وتأثر المسلمين بها

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#اليهودية
اقرأ أيضا
شرح حديث إذا أنا مت فأحرقوني ج1 | مرابط
تفريغات

شرح حديث إذا أنا مت فأحرقوني ج1


قال المؤلف رحمه الله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: كان رجل يسرف على نفسه فلما حضره الموت قال لبنيه: إذا أنا مت فأحرقوني ثم اطحنوني ثم ذروني في الريح فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا فلما مات فعل به ذلك فأمر الله الأرض فقال: اجمعي ما فيك ففعلت فإذا هو قائم فقال: ما حملك على ما صنعت قال: خشيتك يا رب أو قال: مخافتك فغفر له

بقلم: محمد ناصر الدين الألباني
610
انتقاد ابن تيمية لمن أهمل العقل | مرابط
اقتباسات وقطوف

انتقاد ابن تيمية لمن أهمل العقل


لم يكن السلف الصالح في خصام مع العقل أو الاستدلال العقلي بل إن كلامهم فيه الكثير من الأدلة العقلية وكذلك الوحي فيه من الأدلة السمعية العقلية الكثير والكثير وهنا اقتباس لشيخ الإسلام ابن تيمية ينتقد من أهملوا العقل تماما بحجج مختلفة وجاء ذلك في الفتاوى المجلد السادس عشر

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
1839
صناعة الثقافة | مرابط
اقتباسات وقطوف ثقافة

صناعة الثقافة


إن أدورنو يرى أن الفرد في المجتمع أصبح يوصم بالجهل ليس فقط لأنه لا يملك القدرة على الكلام على الطراز الحديث بل لأنه لا يسير على هذا الطراز فأصبح مجرد عدم السير مع الموضة التي تفرض على المجتمع والتي يظن أنه هو الذي فرضها أصبح جهلا

بقلم: محمد علي فرح
504
البيئة قرارك | مرابط
مقالات

البيئة قرارك


لقد قدر الله سبحانه على العباد أحولا قهرية لم يجعل لهم فيها الخيار وذلك لكمال ربوبيته وقدرته ومشيئته فليس للعبد أن يختار هيئته وملامح وجهه ولا انتقاء والديه ونسبه ولا أرض ولادته ونشأته لكن في المقابل منحه الله تعالى حرية الاختيار بين سبيل الرشد وسبيل الغي

بقلم: د. جمال الباشا
396
فن أصول التفسير ج9 | مرابط
تفريغات

فن أصول التفسير ج9


الملاحظ أن الذين يحضرون الدورات كثر ويحرصون عليها ويواظبون ويكتبون ويسجلون لكن تقع الإشكالية في عدم المتابعة وعدم المذكرة والمراجعة فلا يستفيد الإنسان من هذه الدورات إذا خرج منها ولم يتابع القراءة بنفس الموضوعات التي أخذها فيحاول أن يجتهد في تطبيق ما أخذ خصوصا أن في بعض الدورات تكون عنده دورات تطبيقية بإمكانه أن يقوم بقراءة وعمل نماذج على نفس الطريقة التي أخذها فهذه الدروس المتعلقة بالاختلاف من الأشياء التي يمكن تطبيقها ولننظر الآن شرحا موجزا يتعلق بالاختلاف

بقلم: مساعد الطيار
644
النسوية.. أخطر فكرة هدامة على الأمة الإسلامية | مرابط
النسوية

النسوية.. أخطر فكرة هدامة على الأمة الإسلامية


بعض الناس استغرب كوني اعتبرت النسوية أخطر فكرة هدامة تهدد الأمة الإسلامية اليوم! وأنها أخطر بمراحل حتى من الإلحاد.. الإلحاد يدمر فردا أما النسوية فهي تدمر أمة.

بقلم: د. هيثم طلعت
332