أثر اليهودية في الحياة الأوروبية

أثر اليهودية في الحياة الأوروبية | مرابط

الكاتب: عبد الرحيم السلمي

617 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

استطاع اليهود أن يؤثروا تأثيرًا كبيرًا في الحياة الأوروبية، فكيف تم ذلك؟

 

اليهود كانوا عند الغربيين مذمومين، فالغربيون كانوا يذمونهم وكانوا يسبونهم، وكانوا يعتبرونهم شريرين، وكانوا يذلونهم إذلالًا كبيرًا، فلما بدأت الثورة في فرنسا -وهي التي يسميها كثير من الكتاب اليوم: ثورة النور- كانوا ممن ناصرها، وسنلاحظ ما هي النتائج التي حصلت لهذه الثورة الفرنسية.

 

وممن رتب لها الجمعيات الماسونية التي كانت منتشرة في تلك الفترة في فرنسا، وكانت الجمعيات الماسونية تأخذ تعليماتها من اليهود، وأنتم تعلمون أن النفسية اليهودية مبنية على أنهم شعب الله المختار، وعلى أن الأممين جميعًا بما فيهم المسلمين والنصارى وأيضًا الأديان الأخرى جميعًا كلهم يعتبرونهم حميرًا يركبهم شعب الله المختار، وهذا ما ينص عليه التلمود عندهم.

 

والتلمود هذا هو: عبارة عن خطط وأفكار كتبها زعماء اليهود، وهي ليست من التوراة ولا علاقة لها بالتوراة.

 

فاستغل اليهود رغبة الجماهير في الخروج على رجال الدين وعلى الحكام أو الإقطاعيين الذين كانوا يحكمون الإقطاعيات، وكان بالإمكان لو لم يستغل اليهود هذه الفرصة أن يثور النصارى هؤلاء على رجال الدين، فيمنعون هؤلاء الرجال المفسدين للدين، ويبقى فيهم احترام للدين واحترام للأخلاق واحترام للآداب؛ لأن المرأة -مثلًا- في تلك الفترة -يعني: في زمن الإقطاع- لم تكن متبرجة، بل كانت تضع على رأسها منديلًا، وتلبس الأكمام الطويلة والملابس الضافية، ولا تكشف إلا وجهها، لكن لما دخل اليهود في هذه الثورة وجهوها وجهة سيئة كان لها آثار كبيرة جدًا في المجتمع الغربي نشاهدها الآن، فكيف وجهوها؟

 

وجهوا غضبة الجماهير لقدح الدين نفسه، فإنهم أوحوا لهم من خلال الخطب التي كانوا يلقونها ومن خلال تحريم الناس، ومن خلال النظريات العلمية التي أحدثوها فيما بعد، أوحوا إليهم أن سبب التخلف الواقع في أوروبا هو بسبب الدين، أيًا كان هذا الدين، سواء كان دينًا صحيحًا أو دينًا باطلًا، فلما اقتنع الجماهير بأن الدين هو السبب ظهر الإلحاد، وظهر في المجتمع الغربي من ينكر وجود الإله، ومن يضحك على الرسل ويستهزئ بهم، وظهر في المجتمع الغربي نظريات مبنية على الإلحاد، وسيأتي معنا شيء منها عند التفصيل بإذن الله تعالى.

 

إذًا: وجه اليهود الثورة الفرنسية لضرب الدين نفسه، فكانت الثمرة ظهور الإلحاد، هذا من جهة الدين، فإنهم غضبوا على رجال الدين.

 

وأما من جهة السياسة فاليهود كما تعلمون محتقرون، واليهود يعتبرون شريرين خبثاء، فوجهوا الجماهير أيضًا إلى الديمقراطية، وقالوا: إن الحكومات لا يجوز أبدًا أن تبقى بيد رجل واحد، بل لا بد أن تكون مشتركة من الجماهير جميعًا، الشعب كله يشارك فيها، يشارك في سن القوانين، ويشارك في سن الأنظمة، بغض النظر عن الدين أو الأخلاق أو الجنس أو اللون، فما دام أن الإنسان في بلد واحد، وأنه يحمل جنسية هذا البلد فله حق التصويت حتى ولو كان على أي دين، وحينئذٍ ألغيت الاعتبارات القومية في الديمقراطية، وألغيت الاعتبارات العرقية، وألغيت الاعتبارات الدينية، فكانت هذه فرصة مناسبة لمشاركة اليهود في العمل السياسي مع الغربيين.

 

أما من جهة الأموال فإن الفترة التي ظهرت فيها الثورة الفرنسية كانت فترة نشوء الصناعة في أوروبا، ولما نشأت الصناعة كان في ذلك تحول ونقلة جذرية في المجتمع، فانتقلوا من مجتمع يعتمد على الزراعة -والزراعة قديمة، والربح فيها مضمون- إلى المجتمع الصناعي الجديد الذي لا يعرفون طبيعته وقد يفشلون، فكثير من أصحاب الأموال خصوصًا أصحاب الكنيسة ورجال الإقطاعيين السادة أو النبلاء ما كانوا يريدون أن يضعوا أموالهم في أيدي هؤلاء أصحاب الصناعة؛ لأنهم لا يعلمون هل تنجح أو لا تنجح، فجاء اليهود واتفقوا مع أصحاب الصناعة الذين يريدون إنشاء مصانع وتحريك العمل الصناعي على أن يقرضوهم بالربا.

 

وأنتم تعلمون أن اليهود هم أهل الربا وسادته، فيعطونهم أموالًا ويقولون: تردون هذه الأموال وعليكم زيادة نسبة بقدر كذا، فهم استطاعوا أن يحفظوا أموالهم من جهة فلم تتعرض للخطر والمغامرة، فهم لم يدخلوا معهم شركاء وإنما دخلوا مقرضين، واستطاعوا أن يكسبوا بالربا، فكونوا أول فكرة للإقراض بالربا، وهي التي يعيش عليها أكثر العالم اليوم مع الأسف، فمثلًا: شخص عنده صناعة، وعنده عمل يريد أن يقوم به، يقترض من صاحب مال ويأخذ المال هذا ويعطيه ربحًا أو فائدة -كما يسمونها- بقدر كذا، فهو يعمل فيه، فإذا جاءته نتائج العمل أعطاه نسبة وأخذ الباقي، فكون اليهود بهذه الطريقة رأس مال ضخم جدًا، واستطاعوا أن يؤثروا في الحياة الاجتماعية من خلال الإعلام فيما بعد، فإن الذي يشكل عقليات الناس هو الإعلام كما هو معلوم، وحينئذٍ استطاع اليهود أن يوجهوا العقلية الأوروبية بهذه الطريقة، فأصبح اليهود هو الراكب على ظهر الحمار الأوروبي الذي وجه كما أرادوا؛ ولهذا تلاحظون اليوم أن اليهود يؤثرون تأثيرًا كبيرًا جدًا في مجريات الحياة الغربية، وتلاحظون أن الغرب اليوم متحمس لليهود تحمسًا كبيرًا، فما هو سر هذا التحمس؟

 

هذه قضية واضحة، نشأتها التاريخية من الثورة الفرنسية تقريبًا.

 


 

المصدر:

محاضرة نشأة المذاهب في الغرب وتأثر المسلمين بها

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#اليهودية
اقرأ أيضا
كسوف الشمس وإثبات النبوة | مرابط
تعزيز اليقين

كسوف الشمس وإثبات النبوة


أريدك أن تتخيل معي دجالا كذابا يدعي أنه مرسل من عند الله ويموت ولده ويوم موت ولده تنكسف الشمس وحين تنكسف الشمس يقول الناس: إن الشمس انكسفت من أجل ولده.. أريد منك أن تقلب هذا الأمر ظهرا لبطن وبطنا لظهر وترى كيف سيتصرف هذا الدجال؟ أعمل عقلك كثيرا في هذه المسألة ور كيف سيتصرف دجال وضع في هذه الفرصة الذهبية للترويج لنفسه!

بقلم: د. حسام الدين حامد
325
الأخلاق المذمومة عند طلاب العلم | مرابط
مقالات

الأخلاق المذمومة عند طلاب العلم


إن بلغه أن أحدا من العلماء أخطأ وأصاب هو فرح بخطأ غيره وكان حكمه أن يسوءه ذلك. إن مات أحد من العلماء سره موته ليحتاج الناس إلى علمه إن سئل عما لا يعلم أنف أن يقول: لا أعلم حتى يتكلف مالا يسعه في الجواب إن علم أن غيره أنفع للمسلمين منه كره حياته ولم يرشد الناس إليه إن علم أنه قال قولا فتوبع عليه وصارت له به رتبة عند من جهله ثم علم أنه أخطأ أنف أن يرجع عن خطئه فيثبت بنصر الخطأ لئلا تسقط رتبته عند المخلوقين.

بقلم: الآجري
392
موقف الصحابة من الصحابي معاوية بن أبي سفيان ج2 | مرابط
فكر مقالات

موقف الصحابة من الصحابي معاوية بن أبي سفيان ج2


في هذا المقال تأصيل هام لموقف الصحابة رضوان الله عليهم من الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه نظرا لكثرة الشبهات والأباطيل التي أثيرت حول هذا الموضوع وكثرة الأخبار الباطلة والمزعومة التي يوردها البعض عن الصحابة وأهل العلم ولا تخلو من لبس وإشكال ولذلك يقف بنا الكاتب الدكتور سلطان العميري على حقيقة الأمر

بقلم: د سلطان العميري
4024
محاسن الفراسة | مرابط
اقتباسات وقطوف

محاسن الفراسة


ومن ألطف ما يحكى في ذلك: أن بعض الخلفاء سأل رجلا عن اسمه فقال: سعد يا أمير المؤمنين فقال: أي السعود أنت قال: سعد السعود لك يا أمير المؤمنين وسعد الذابح لأعدائك وسعد بلع على سماطك وسعد الأخبية لسرك فأعجبه ذلك ويشبه هذا: أن معن بن زائدة دخل على المنصور فقارب في خطوه فقال له المنصور: كبرت سنك يا معن قال: في طاعتك يا أمير المؤمنين قال: إنك لجلد قال: على أعدائك قال: وإن فيك لبقية قال: هي لك

بقلم: ابن القيم
734
آراء المذاهب الفقهية في اختلاط الرجال بالنساء | مرابط
تعزيز اليقين إنفوجرافيك المرأة

آراء المذاهب الفقهية في اختلاط الرجال بالنساء


اهتمت المذاهب الفقهية بشكل بالغ بمسألة الاختلاط بين الرجال والنساء ويبدو أن معالجة الموضوع تكررت وترددت في مختلف الكتب المعتمدة في المذاهب وبين يديكم نضع بعض النقولات من المذاهب الفقهية فيما يخص موضوع الاختلاط ونعرضه في شكل إنفوجراف تيسيرا على القراء

بقلم: إبراهيم السكران
1420
هلوع جزوع منوع.. هكذا وصف الإنسان في القرآن | مرابط
مقالات

هلوع جزوع منوع.. هكذا وصف الإنسان في القرآن


هلوع جزوع منوع هكذا وصف الإنسان في القرآن.. تلك الصفات تبدو مطلقة عامة في مفتتح ذكرها بسورة المعارج ذلك الخلق الأجوف يحوي بداخله فراغا يسعى دوما لملئه بأي سبيل لأجل ذلك الفراغ يجمع ويمنع ويسعى ويلهث وإذا استشعر ما يحول بينه وبين ما يملأ جوفه فإنه يهلع ويجزع هكذا خلق بعموم وشمل.. لكن ثمة استثناءات وثمة بشر يمكن وصفهم بأنهم استثنائيون.. بشر تمكنوا بفضل الله ورحمته من مواجهة تلك الصفات المذمومة وأحسنوا التعامل معها وامتلأ فراغ نفوسهم بأشياء أخرى أهم هذه الأشياء الصلاة: وذلك هو أصل الاستثناء إل...

بقلم: محمد علي يوسف
319