قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا ۚ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} [السجدة : 22]
وهذا المعنى تشهد الفطر والعقول السليمة بحسنه، فالرب تعالى له أعظم الحق لكماله وإنعامه، فجحد حقه والإعراض عن آياته أعظم ظلم وجرم
فالله تعالى أرسل لهذا الظالم من ذكره بآيات ربه، الذي يريد سبحانه تربيته، وتكميل نعمته على أيدي رسله، تأمره، وتذكره مصالحه الدينية والدنيوية، وتنهاه عن مضاره الدينية والدنيوية، التي تقتضي أن يقابلها بالإيمان والتسليم، والانقياد والشكر..
فقابلها هذا الظالم بضد ما ينبغي، فلم يؤمن بها، ولا اتبعها، بل أعرض عنها وتركها وراء ظهره، فهذا من أكبر المجرمين، الذين يستحقون شديد النقمة، ولهذا قال: { إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ }
انتهى عن السعدي بتصرف
فتأمل هذا الميزان وتأمل كيف استبدل عند كثير من أهل العصر بموازين مائلة، وفلسفات خاوية، ينصب فيها العبد المربوب صاحب الحق الأعظم، ومركز الوجود، فمن أحسن للإنسان عظم ولو كان أشد الناس كفرا، بل ربما ترحموا عليه واستكثروا عليه الحرمان من الجنة، ولا عجب إذا مالت الموازين وقست القلوب وغاب فيها إبصار حقائق الأمور، ونسبت نعمة الله لبشر مسخرين، وكانت الدنيا غاية المراد ونسيت الآخرة، فأي قلب يحيى وعقل يعدل بعد ذلك!