من الظواهر المؤلمة التي ظهرت مؤخرًا؛ ظاهرة شهرة الأطفال وإبرازهم وجعلهم ممن يشار إليهم بالبنان، وممن تلاحقهم الأضواء والفلاشات، وهذه ظاهرة سيئة لها تبعاتها الخطيرة على الطفل وعلى مستقبله في هذه الحياة.
والأدهى والأمرّ تصنيف ذلك على أنه نجاح وتوفيق وتحقيق هدف، ونموذج ينبغي أن يُحتذى، فيكون ميزان النجاح بعدد المتابعين وكثرة لظهور أمام الفلاشات، وهذا وربي من المفاهيم المغلوطة التي ينبغي أن تصحح.
فالشهرة لها تبعات عظيمة قلّما يسلم منها أحد من الكبار، فكيف بهؤلاء الأطفال؟
وأجدني مشفقًا غاية الإشفاق على هؤلاء الصغار، لأنهم ضحايا يتكسب بها غيرهم، من والد غُيِّبت عنه المفاهيم التربوية أو شركات رأسمالية همّها الأول والأخير جني الأموال.
إن الطفل في هذه المرحلة بأمس الحاجة إلى المعاني التربوية وغرس قيم الخر فيه، وتنشئته على الفضائل، وإقحامه عالم الشهرة والأضواء في هذه السن جناية عليه وعلى مستقبله، وقلما يُفلح من سُلِك به هذا المسلك.
ﻷن حاجته في هذه السن تكمن في غرس معاني الإيمان والتدين فيه، وتمتين علاقته بالله، فظهوره صغيرا سيقلب عنده الموازين ويضخم الدنيا في قلبه، ويُضعف عنده الحرص على الفضائل ومعالي الأمور، ﻷن ثمرتها آجلة، وغير ملموسة، فعقله ونمط تفكيره لم يعتد عليها، وسيكون الضرر الكبير على دينه وأخلاقه.
وهذه من الأمور التي يجب أن يتنبه لها الآباء والمربون.
نعم، كم جنت هذه الشهرة المبكرة على مواهب، وكم قتلت من طاقات، وكم أفسدت من قيم، فالحدث إذا تصدر واشتهر فاته علم كثير كما قال الشافعي.
فالأبناء من الرعية التي سيُسأل عنها العبد أمام الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"