الانتصار للحق أم للنفس؟

الانتصار للحق أم للنفس؟ | مرابط

الكاتب: عبد الله القرني

492 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

يقول الإمام ابن رجب رحمه الله:
(لما كثر اختلاف الناس في مسائل الدين، وكثر تفرقهم، كثر بسبب ذلك تباغضهم وتلاعنهم، وكل منهم يُظهر أنه يبغض لله، وقد يكون في نفس الأمر معذورا، وقد لا يكون معذورا، بل يكون متبعا لهواه، مقصرا في البحث عن معرفة ما يبغض عليه، فإن كثيرا من البغض كذلك إنما يقع لمخالفة متبوع يظن أنه لا يقول إلا الحق، وهذا الظن خطأ قطعا، وإن أريد أنه لا يقول إلا الحق فيما خولف فيه، فهذا الظن قد يخطئ ويصيب، وقد يكون الحامل على الميل مجرد الهوى أو الإلف أو العادة، وكل هذا يقدح في أن يكون هذا البغض لله، فالواجب على المؤمن أن ينصح نفسه، ويتحرز في هذا غاية التحرز، وما أشكل منه فلا يدخل نفسه فيه خشية أن يقع فيما نهي عنه من البغض المحرم.

وهاهنا أمر خفي ينبغي التفطن له، وهو أن كثيرا من أئمة الدين قد يقول قولا مرجوحا ويكون مجتهدا فيه، مأجورا على اجتهاده فيه، موضوعا عنه خطؤه فيه، ولا يكون المنتصر لمقالته تلك بمنزلته في هذه الدرجة؛ لأنه قد لا ينتصر لهذا القول إلا لكون متبوعه قد قاله، بحيث أنه لو قاله غيره من أئمة الدين لما قبله ولا انتصر له، ولا والى من وافقه، ولا عادى من خالفه، وهو مع هذا يظن أنه إنما انتصر للحق بمنزلة متبوعه، وليس كذلك، فإن متبوعه إنما كان قصده الانتصار للحق، وإن أخطأ في اجتهاده، وأما هذا التابع فقد شاب انتصاره لما يظنه الحق إرادة علو متبوعه وظهور كلمته وأن لا ينسب إلى الخطأ، وهذه دسيسة تقدح في قصد الانتصار للحق، فافهم هذا فإنه فهم عظيم، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم).

ومن تأمل حال كثير من الناس حتى من المنتسبين منهم للعلم وجد صدق ما قاله الإمام ابن رجب، وأن الانتصار للحق لأجل أنه حق عزيز في الناس، وأن ما يكون من الموالاة والمعاداة والأحكام على الآخرين قد يشوبها اتباع الهوى والانتصار للنفس في ثوب الانتصار للحق، ولا خلاص من كل ذلك إلا بأن يتحقق الإنسان من حقيقة دوافعه، ويصدق مع نفسه في تمييز ما يكون لأجل الحرص على اتباع الحق من كل من جاء به، وما يكون لأجل الهوى وما ترغب النفس في تحصيله حتى لو علم الإنسان مجانبته لطريق الإخلاص لله تعالى وابتغاء وجهه.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#ابن-رجب #الانتصار-للحق
اقرأ أيضا
حيثما كان العدل فثم شرع الله | مرابط
تعزيز اليقين فكر مقالات

حيثما كان العدل فثم شرع الله


وليس للمسلم أن يطرح حكم الشريعة طلبا للعدل استقلالا عنها فإن هذا فاسد من جهة الدين والذي يلزم المسلم بالاحتكام للشرع وليكن على ثقة أنه متى التزم حكم الشريعة فسيؤول به الأمر إلى تحقيق العدل وأنه متى خالفها فسيقع في مناقضة العدل إذ اطراح الحكم والحالة هذه اطراح للعدل أيضا

بقلم: عبد الله بن صالح العجيري وفهد بن صالح العجلان
2503
طلب المرأة المساواة | مرابط
فكر مقالات المرأة

طلب المرأة المساواة


على أن من تبين ضعف المرأة ثم ما وهبته من جمال الظاهر ورأى كيف تحتال به على مطالبها وتستخدمه في مآربها وأنها لا تعدل به شيئا من مفاخر الحياة ولو أوتيت العلم والحكمة أو رزقت الملك والعظمة علم أنه حل منها محل القوة من الرجل وأنها إنما وهبته ليكون سلاحها الذي تحفظ به حياتها في هذا الوجود لئن صدئ في هذه الأيام إفرنده أو تثلم حده فأولى بها أن تعمد إلى صقله وشحذه من أن تصول بسلاح سواه لا يدفع عنها أذى ولا يرد من مصاوليها أحدا

بقلم: عباس محمود العقاد
2244
الوسائل المعينة على القيام لصلاة الفجر في جماعة ج2 | مرابط
تفريغات

الوسائل المعينة على القيام لصلاة الفجر في جماعة ج2


نريد أن نصلي الفجر في جماعة كل يوم وهناك وسائل تساعدنا على المحافظة على صلاة الفجر والابتكار في هذه الوسائل يا إخواني مفتوح فأي شخص عنده وسيلة توقظ لصلاة الفجر فلينصح بها وبين يديكم مجموعة من الاقتراحات التي قدمها الدكتور راغب السرجاني في محاضرة هامة عن صلاة الفجر

بقلم: د راغب السرجاني
877
الدليل العقلي عند السلف ج1 | مرابط
أبحاث

الدليل العقلي عند السلف ج1


والحق أنهم -أي السلف- أيقنوا بغناء الدلائل الشرعية بالبراهين العقلية الفطرية وكفايتها عن الابتداع في دين الله وهذا جوهر الخلاف بينهم وبين مخالفيهم فإن المخالفين لما اعتقدوا أن الدلائل النقلية تعرى عن البراهين العقلية قادهم ذلك إلى ابتداع دلائل على مسائل الدين بل جمعوا بين الابتداع في الدلائل والإحداث في المسائل. ولو أنهم علموا أن دلائل القرآن العقلية لها صفة الثبات والاستمرارية إلى يوم الدين بحيث لا يفتقر في الاستدلال على أصول الدين إلى غيرها لما وقعوا في هذه المشاقة.

بقلم: عيسى بن محسن النعمي
453
تعلق القلوب | مرابط
اقتباسات وقطوف

تعلق القلوب


مقتطف لشيخ الإسلام ابن تيمية يتحدث فيه عن تعلق القلوب بغير الله وكيف يفضي هذا في النهاية إلى حالة من حالات الأسر تفوق أسر البدن فالقلب هو الملك وهو المتحكم في حال الإنسان بينما الجسد تابع فلو أسر الأخير والقلب مستريح لم يضر صاحبه شيئا

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
2362
هذا مخالف للعلم: النزعة العلموية | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين فكر مقالات

هذا مخالف للعلم: النزعة العلموية


من المقولات التي شاع استعمالها في العصر الحديث والتي أدت بكثير من الناس إلى معارضة جملة من الأخبار الشرعية دعوى مخالفتها للعلم المعاصر فهي مقولة تشابه إلى حد ما مقولة لا يقبله العقل لكن الفرق أن طرف المعارضة هنا هو العلم بدلا من العقل وفي هذا المقال مناقشة دقيقة لهذا القول ولمذهب أصحابه

بقلم: عبد الله بن صالح العجيري وفهد بن صالح العجلان
2785