التاريخ علم لا يحتاج إلى معلم، يحتاج فقط إلى قدم تسير وعين تنظر "قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا"
لا يكاد توجد واقعة إلا ولها نظير في التاريخ، ومن المؤسف حقًا أن نرى أخطاء التاريخ تتكرر: بسبب الجهل به
من جهل التاريخ لا بد أن يعيد أغلاطه، وأكثر الناس يسقطون بنفس حفر الماضين
عجلة التاريخ وأحداثه متشابهة البادية والنهاية، ومع هذا تتكرر أخطاء البشر "قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا"
مرور السنن تُعطي الإنسان خبرة يقيس عليها الأحداث النازلة به، وتقليب كتب التاريخ عيش سريع لأحداث قرون "وَمَثَلًا مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ"
كل جيل يتحسر على تاريخ من سبقه لأنه لم يدون دقيقًا واضحًا، وهم أنفسهم يهملون ضبط تاريخهم لمن يأتي بعدهم.. وفي تاريخ اليوم عظيم العبر.
ثلث القرآن قصص، يقصها الله لأفضل بشر، عبرة وعظة وسلوانا... احتاج إليها سيد البشر، فكيف بمن دونه، ولا ينبغي أن يترفع متحدث عن أسلوب القرآن.
أخبار الأمم وتاريخهم وأحوالهم عبرة وعلم وعظة حتى للأنبياء "وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا"
النقص ليس في الآيات والعبر ولكن في البصيرة والبصر "وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ"
لو تدبروا القرآن ما كرروا أخطاء السابقين "أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا".. يكررون الخطأ فتتكرر العقوبة.
يجري الله العبر في الأرض، والمحروم الذي يتسلى بها ويسخر ويلهو ويستمتع "وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ"
كل حادثة ففيها عبر من الله، وأسعد الناس أكثرهم استخراجا للعبر من الحوادث. سبحان من لا تنزع الحوادث سلطانه... ولا يتغير مع الأيام مقامه.
أكثر قصة تكرر ذكرها في القرآن قصة فرعون: ﻷنها أكثر الأحوال دورانا في الأمم، وكثرة التكرار لحاجة الأمة للاعتبار.
العقل يسير ومن الحكمة أن يسأل عن حال من سبقه في الطريق، لا أن يسأل من يرافقه فيه: كيف ترى الطريق "كَذَٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ ۚ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا"
العلم يورث الخشية والخشية تورث التذكّر والاعتبار، ولن يعتبر من لا يخشى ولن يخشى من لا يعلم "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ" "سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ"
الجاهل لا يتعظ مهما تكاثرت عليه العبر "إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ" ولا يجتمع الجهل مع الخشية "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ" ويخشى الشيء من عرفه
لا يعتبرون! ﻷنهم لا يعرفون الله، فكيف يخشون من لا يعرفونه "إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ"
المصدر:
سطور من النقل والعقل والفكر