والدين يتضمن معنى الخضوع والذل، يقال: دِنْتُه فَدَانَ، أي أذللته فذل، ويقال يُدينُ الله، ويَدينُ لله، أي: يعبد الله ويطيعه ويخضع له، فدين الله عبادته وطاعته والخضوع له، والعبادة أصل معناها: الذل. يقال: طريق مُعبَّد، إذا كان مذللا قد وطئته الأقدام.
لكن العبادة المأمور بها تتضمن معنى الذل ومعنى الحب؛ فهي تتضمن غاية الذل لله بغاية المحبة له؛ فإن آخر مراتب الحب هو التَّتَيُّم وأوله العلاقة: لتعلق القلب بالمحبوب، ثم الصبابة: لانصباب القلب إليه، ثم الغرام: وهو الحب الملازم للقلب، ثم العشق، وآخرها التّتيّم؛ يقال: تيم الله، أي عبد الله، فالمتيّم: المعبَّد لمحبوبه.
ومن خضع لإنسان مع بغضه له، لا يكون عابدًا له، ولو أحب شيئًا ولم يخضع له لم يكن عابدًا له، كما يحب ولده وصديقه، ولهذا لا يكفي أحدهما في عبادة الله تعالى؛ بل يجب أن يكون الله أحب إلى العبد من كل شيء، وأن يكون الله أعظم عنده من كل شيء بل لا يستحق المحبة والذل التام إلا الله.
المصدر:
- شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، العبودية