لكي لا تأسوا على ما فاتكم

لكي لا تأسوا على ما فاتكم | مرابط

الكاتب: سيد قطب

951 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

(لكي لا تأسوا على ما فاتكم، ولا تفرحوا بما آتاكم)

فاتساع أفق النظر، والتعامل مع الوجود الكبير، وتصور الأزل والأبد، ورؤية الأحداث في مواضعها المقدرة في علم الله، الثابتة في تصميم هذا الكون.. كل أولئك يجعل النفس أفسح وأكبر وأكثر ثباتًا ورزانة في مواجهة الأحداث العابرة. حين تتكشف للوجود الإنساني وهي مارة به في حركة الوجود الكوني. إن الإنسان يجزع ويستطار وتستخفه الأحداث حين ينفصل بذاته عن هذا الوجود. ويتعامل مع الأحداث كأنها شيء عارض يصادم وجوده الصغير. فأما حين يستقر في تصوره وشعوره أنه هو والأحداث التي تمر به، وتمر بغيره، والأرض كلها.. ذرات في جسم كبير هو هذا الوجود.. وأن هذه الذرات كائنة في موضعها في التصميم الكامل الدقيق. لازم بعضها لبعض. وأن ذلك كله مقدر مرسوم معلوم في علم الله المكنون.

حين يستقر هذا في تصوره وشعوره، فإنه يحس بالراحة والطمأنينة لمواقع القدر كلها على السواء. فلا يأسى على فائت أسى يضعضعه ويزلزله، ولا يفرح بحاصل فرحا يستخفه ويذهله. ولكن يمضي مع قدر الله في طواعية وفي رضى. رضى العارف المدرك أن ما هو كائن هو الذي ينبغي أن يكون! وهذه درجة قد لا يستطيعها إلا القليلون. فأما سائر المؤمنين فالمطلوب منهم ألا يخرجهم الألم للضراء، ولا الفرح بالسراء عن دائرة التوجه إلى الله، وذكره بهذه وبتلك، والاعتدال في الفرح والحزن. قال عكرمة - رضي الله عنه - "ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن، ولكن اجعلوا الفرح شكرا والحزن صبرا".. وهذا هو اعتدال الإسلام الميسر للأسوياء..

 


 

المصدر:

سيد قطب، في ظلال القرآن، ص3494

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#في-ظلال-القرآن
اقرأ أيضا
أعمال القلب وأعمال الجوارح | مرابط
تعزيز اليقين تفريغات

أعمال القلب وأعمال الجوارح


إن الله تعالى رب القلوب والألسن وليس رب القلوب فقط والقلوب لو صلحت لصلحت الجوارح لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب وهذا الحديث يفسد كل دعوى يدعيها بعض الناس إذا نصحته في أمر من الأمور مما أتى الله به قال لك: التقوى هاهنا وهي كلمة حق أريد بها باطل والكلمة قد تكون حقا في مدلولها العام لكن يريد بها القائل أو المتكلم معنى باطلا

بقلم: ابن عثيمين
527
من معاني البر: واخفض لهما جناح الذل | مرابط
اقتباسات وقطوف

من معاني البر: واخفض لهما جناح الذل


انظر إلى هذه الصورة الرفيعة من خفض جناح للتابعي ميمون بن مهران الذل قال الحلبي: حدثني عمرو بن ميمون بن مهران قال: خرجت بأبي أقوده في بعض سكك البصرة فمررت بجدول فلم يستطع الشيخ يتخطاه فاضطجعت له فمر على ظهري

بقلم: إبراهيم السكران
641
من العاقل؟ | مرابط
تفريغات ثقافة

من العاقل؟


فالعاقل هو من يأخذ من دنياه لآخرته من يأخذ من صحته لمرضه من يأخذ من فراغه لشغله من يأخذ من غناه لفقره وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم لهذا وهكذا كان السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم فهذا العمر أمانة وهو نصيبك من الدنيا

بقلم: سفر الحوالي
439
الهجرة النبوية نقطة تحول في التاريخ الإنسان ج4 | مرابط
تاريخ تعزيز اليقين

الهجرة النبوية نقطة تحول في التاريخ الإنسان ج4


إن التأمل والتدبر في تفاصيل الهجرة النبوية المباركة يجعلنا نتيقن وبما لا يدع مجالا للشك أن الهجرة النبوية كانت حدثا حاسما في الدعوة المحمدية أرست الأسس والنواة الصلبة لدولة الإسلامية الناشئة كما حملت لنا عبرا ودروسا وافرة نستفيد منها ونستجلي منها قيما وأخلاقا حميدة وبين يديكم مجموعة من الفوائد والدروس والمآثر من وحي السيرة

بقلم: علي الصلابي
811
عداء اليهود للمسلمين الجزء الثاني | مرابط
تفريغات

عداء اليهود للمسلمين الجزء الثاني


تمكن المسلمون من فتح الأندلس ثم خرجوا منها وليس ذلك بسبب قوة أعدائهم وإنما بتفرق كلمتهم وتجزئهم وانقسامهم فأزال الله سبحانه وتعالى دولتهم وخرجوا من تلك الديار بعد أن عمروها مئات السنين واليوم في وسط بلاد المسلمين تقوم دولة لليهود اغتصبت جزءا من ديار المسلمين في أول الأمر ثم زادت عليه فأخذت فلسطين كلها وأخذت أجزاء أخرى من بلاد المسلمين وهي تطمع غدا في احتلال الأردن وسوريا ومصر والعراق وتصل إلى منابع النفط وإلى المدينة المنورة وإلى خيبر حيث كان يقيم آباؤهم وأجدادهم في الماضي

بقلم: عمر الأشقر
763
عن التوسط بين الفرقاء | مرابط
أباطيل وشبهات فكر

عن التوسط بين الفرقاء


الوسطية الشرعية هي ثمرة اتباع الشريعة وليست موقفا متوسطا بين فرقاء وفقه هذا مما يزهد الشخص في كثير من المقارنات المعاصرة والتي يتكلف أصحابها وضع أقوالهم وخصوماتهم في المكان الوسط!

بقلم: د. فهد بن صالح العجلان
407