من معاني البر: واخفض لهما جناح الذل

من معاني البر: واخفض لهما جناح الذل | مرابط

الكاتب: إبراهيم السكران

542 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

في واحدة من أعجب القصص التي مرت بي أن التابعي الجليل ميمون بن مهران الذي روى عن أبي هريرة وعائشة وغيرهم، رزقه الله بابن عالم، وهو الحافظ عمرو بن ميمون بن مهران (ت145هـ)، وهو من رجال الصحيحين، وكان هذا الابن بارًا بأبيه، وقد جاء في ترجمته: (قال الحلبي: حدثني عمرو بن ميمون بن مهران، قال: خرجت بأبي أقوده في بعض سكك البصرة، فمررت بجدول، فلم يستطع الشيخ يتخطاه، فاضطجعت له، فمر على ظهري) [تاريخ دمشق لابن عساكر:61/352].

فانظر إلى هذه الصورة الرفيعة من خفض جناح الذل .. فحين جاء الأب الذي أرعدت السنون مشيته فما عاد يقوى أن يعبر جدول ماء .. تحول الابن إلى جسر يغمر نفسه في الطمي كي يخطو والده فوقه بقدميه..

يا الله .. عليك رحمات ربي يا عمرو بن ميمون .. أكنت محظوظًا أن لم تر شابًا يستكثر أن يدفع عربة والده المُقعد تحت سياط الظهيرة أمام مبنى الجوازات؟!
يا شيخنا عمرو بن ميمون .. أكانت فطرتك ندية فلم يعكرها خبر شاب يستثقل مرافقة والده في مستشفى .. ينظر لوالده المغطى نصفه والمكشوف نصفه الآخر لأنابيب الحياة.. ويسارق النظر لرسائل أصحابه في الجوال تستحثه للنزهة وتراوده بصور ربيعية .. فيتكلف الأعذار ليركب الريح مع أصحابه في مسامرات الضياع؟!

إيهٍ .. يا عمرو بن ميمون .. اضطجعت في جدول الماء فوق الطين ووالدك يدوسك بقدميه ليعبر الجدول .. أكنت يا عمرو بن ميمون أحد أنواع البلاغة البشرية التي يتحدث عنها قول الله (واخفض لهما جناح الذل)؟

 


 

المصدر:

إبراهيم السكران، مسلكيات، ص150

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#البر
اقرأ أيضا
دور محمد علي الجزء الثاني | مرابط
تاريخ مقالات

دور محمد علي الجزء الثاني


لقد لعب محمد علي دورا بارزا في إحكام السيطرة على الحالة الإسلامية في مصر وفي العالم الإسلامي بشكل عام عندما استطاعت فرنسا أن تحتويه وتوفر له كل الإمدادات اللازمة حتى يحقق أهدافها في بلادنا وكان على رأس هذه الأهداف الانفصال عن الدولة العثمانية والمساهمة في إضعافها بشتى الطرق والهدف الهام الثاني هو بداية التغريب وسحق الروح الإسلامية المتبقية وفي هذا المقال يقف بنا المؤلف على محاور هذا الموضوع كلها وما يتفرع عنها وما نتعلمه منها من دروس الهدف هنا أن ندرك ما حدث في بلادنا حتى نفهم كيف وصلنا إلى...

بقلم: محمد قطب
1971
لماذا خلقني كأنثى؟ | مرابط
فكر المرأة

لماذا خلقني كأنثى؟


هذا جزء من رسالة أرسلت لي من فتاة عبر تويتر تقول فيها: لماذا خلق الله النساء؟ إذا الله كتب على نفسه الرحمة لماذا خلقني كأنثى؟ لماذا جعل الرجل الذي يرى امرأة يريد أن يصل إليها؟ لماذا جعل قوة الرجل أكبر وجعل النساء فرائس سهلة القتل وهتك الأعراض واللمس؟ هل الله رحيم مع النساء؟ أين هو عدل الله مع النساء؟ هل خلقنا ذوات مشاعر وعواطف لتعذيبنا؟ أم ماذا؟

بقلم: محمد بن رمضان
865
الفائدة في خلق ما يؤذي | مرابط
اقتباسات وقطوف

الفائدة في خلق ما يؤذي


إن قال قائل: أي فائدة في خلق ما يؤذي؟! فالجواب: أنه قد ثبتت حكمة الخالق فإذا خفيت في بعض الأمور وجب التسليم ثم إن المستحسنات في الجملة أنموذج ما أعد من الثواب والمؤذيات أنموذج ما أعد من العقاب وما خلق شيء يضر إلا وفيه منفعة.

بقلم: ابن الجوزي
215
في ذكر من غلب من العوام بذكائه كبار الرؤساء | مرابط
مقالات

في ذكر من غلب من العوام بذكائه كبار الرؤساء


وقال الصاحب بن عباد ما أخجلني غير ثلاثة منهم أبو الحسين البهديني فإنه كان في نفر من جلسائي فقلت له وقد أكثر من أكل المشمش لا تأكله فإنه يلطخ المعدة فقال ما يعجبني ما يطب الناس على مائدته وآخر قال لي وقد جئت من دار السلطان وأنا ضجر من أمر عرض لي من أين أقبلت فقلت من لعنة الله فقال رد الله غربتك فأحسن علي إساءة الأدب وصبي مستحسن داعبته فقلت لبيك تحتي فقال مع ثلاثة أخر يعني في رفع جنازتي فأخجلني قال رجل شربت البارحة فاحتجت إلى القيام لإراقة الماء كأنني جدي فقال له عامي لم تصغر نفسك يا سيدنا

بقلم: ابن الجوزي
793
مغالطة يوثيفرو ضد دلالة الأخلاق والقيم على ضرورة وجود الله | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين فكر مقالات

مغالطة يوثيفرو ضد دلالة الأخلاق والقيم على ضرورة وجود الله


من أشهر الاعتراضات التي يوردها الملاحدة على دليل القيم والمبادئ ما يسمى معضلة يوثيفرو euthyphro وهو رجل من اليونان نسبت إليه المعضلة وقد كانت نتيجة حوار بينه وبين سقراط وكان يرى أن مصدر الأخلاق يرجع إلى الإله فقال له سقراط: هل الأخلاق حسنة لأن الله يريدها أم أن الله أرادها لأنها حسنة

بقلم: سلطان العميري
1125
مشروعية الرخصة | مرابط
اقتباسات وقطوف

مشروعية الرخصة


مقتطف للإمام الشاطبي يتحدث فيه عن مشروعية الرخصة حيث أراد الله جل وعلا أن يخفف على المكلفين ويرفق بهم فالأخذ بالرخصة إذن موافق لقصده وعلى الجانب الآخر من يرفض الأخذ مطلقا بالرخصة واقع فيما نهى عنه القرآن وما نهى عنه الرسول وهذا ما يقف عليه الشاطبي في هذا المقتطف

بقلم: الشاطبي
1236