شبهات حول الحجاب: الحجاب يمنع المرأة من التعبير عن نفسها

شبهات حول الحجاب: الحجاب يمنع المرأة من التعبير عن نفسها | مرابط

الكاتب: سامي عامري

893 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الشبهة

يقول الرافض للحجاب: ((إنّ الحجاب، هو عدو حريّة المرأة وانطلاقها لتعبّر عن نفسها!! إنّه يجعل المرأة كخيمة متنقلّة، ويأسر جمالها ويمنعه من أن يعبّر عن حيويّة هذا الإنسان المبدع!))

الجواب:

 

كيف تمنع الملابس المرأة من التعبير؟

أولًا/ من العسير -في الحقيقة- أن نتصوّر كيف يمنع اللباس المحتشمُ المرأةَ من أن تعبّر عن نفسها!!

هل أدوات التعبير عن النفس الإنسانيّة هي: الصدر المكشوف.. والأفخاذ العارية.. والشفاه الحمراء!

هل تتكلّم المرأة بلسانها أم بشعرها المجدول؟

هل تكتب المرأة للتعبير عن نفسها بقلم الحبر الذي تملكه المحجّبة والمتبرّجة.. أم بأدوات التجميل وصفائح المساحيق؟!

إنّ تصوّر وجه هذا الاعتراض، لهو من الصعوبة بمكان!؟

هل تعجز المرأة التي تستر جسدها عن أن تكون مدرّسة نابهة؟! أو طبيبة عالمة؟! أو أديبة نابغة؟! أو صحفيّة بارعة؟!

هل تعبّر المرأة عن فكرها الراقي، وأدبها السامي، واكتشافاتها النافعة، بقوامها الممشوق، ولباسها الضيّق، وقلائدها الساحرة للعيون؟!

لماذا تختزل طاقات المرأة في شكلها الظاهر للعيون؟! لماذا تقمع طاقات المرأة الإنسانة العاقلة لصالح مظاهر زائفة قد تتقن صناعتها أتفه النساء وأكثرهن بلادة!؟

 

الحجاب يمنع المرأة أن تكون دمية لامعة

ثانيًا/ يمنع الحجاب المرأة من أن تعبّر عن نفسها على أنّها دمية لامعة بلا روح.. إنّه يمنعها من أن تعبر عن نفسها على أنّها بريق لامع عند الشباب، وظلمة حالكة إذا عدا عليها الزمان وفقدت نضارة الصِبى..!

إنّ الحجاب يدفع المرأة إلى أن تعبّر عن نفسها على أنّها إنسان، موفور الكرامة، والقدر، ويمنع من يعاملها من تقويمها بما تملك من جمال وجاذبية ناتجة عن تناسق ملامحها، وتناغم ألوان المساحيق على وجهها!

إنّ الحجاب هو تعبير من المرأة على رفضها أن تكون في أعين الرجال كيانًا يوزن بالأحمال، ولا يقوّم بالأفكار والأخلاق!

 

الحرية المطلقة

ثالثًا/ إن الحريّة التي تبيح كلّ فعل، وترفض أن تصنع لفعل الإنسان حدودًا، لهي في حقيقتها نوع صريح من (الفوضوية) ، وإعلان فصيح لفكرة (البهيميّة) حيث يطلق الإنسان نفسه على سجيّتها، فلا يردّ لها أمرًا ولا يمنعها من شهوة طيّبة أو خبيثة..

إنّ هذه الحريّة بهذا الشكل الذي تبدو به على أفواه دعاة (حريّة المرأة في السفور) ، لتنطلق من مبدأ أساسي، وهو أنّ الإنسان لم يخلق إلاّ لهذه الحياة؛ فمبتدؤه في الرحم، وفناؤه تحت الجنادل في القبر.. ولذلك فعليه أن يعبّ من نعيم هذا الوجود الزائل عبًا؛ فإنّ وجوده في حقيقته هو خيال زائف لا يخفي وراءه آخرة للحساب.. إنّه وجود ترابيّ رخيص لا يستحقّ أن يكبح فيه الإنسان جوارحه عن كلّ لذة متاحة، فإنّ الفناء يشمل الجميع، بلا عودة..

إنّ هذا الفهم المميّز للحريّة، ليحمل فهمًا عدميًا للحياة حيث تستوي كلّ الأشياء لأنّها تسير إلى (لاشيء) .. فلا يجوز عندها أن نمنع هذا الكائن الذي يعيش في كون (العبث) ، من أن يمتّع حواسه بشيء من (اللذائذ) المتاحة بين أكوام الكدر..

إنّ هذه الحريّة بأصولها وإفرازاتها، لتتعارض كليًا مع الفهم الإسلامي لمعنى (الوجود) وحقيقة (الاستخلاف) على الأرض.. إنّ هذه الدنيا، ممر، وليست بمستقرّ.. وهي دار اختبار، لا دار قرار.. وفيها تمتحن القلوب والجوارح، وفيها تحاسب الأنفس على الأفعال والتوارك.. فهل يصح مع ذلك أن يُردّ الحجاب لمجرّد أنّه يمنع من ممارسة هذه الحريّة بإطلاقها وتهوّرها؟!

 

حرية المرأة

رابعًا/ هل المرأة التي تلبس ما (تريد) وتكشف ما (تشاء) هي حرّة في نفسها، مالكة لزمام أمرها؟!

إنّه علينا أن نعرف من يصنع معيار الجمال؛ لنعرف حقيقة (إرادة) المرأة في ممارسة التعبير عنه..!

إنّ الجمال –كقيمة ومعيار- في العالم الذي يترك للمرأة-ظاهريًا- أن تعبّر عنه بما شاءت، لهو في حقيقته صناعة خالصة للمنتفعين من شركات التجميل وما تفرّع عنها، وهو أيضًا أسير للرجال الذين لا يرون المرأة (الصالحة) إلاّ (لحمًا غضًا) و (ألوانًا صارخة ساحرة) .. ثم تتلاشى (المرأة) ، فلا وجود لها خارج القوالب الجماليّة (المصنوعة) ..

إنّ هذه المصانع التجاريّة، وتلك الشهوات الرجاليّة الأنانيّة النهمة، لهي في الحقيقة من ترسم للمرأة الرافضة للستر، معاني (الحريّة) ومقاييس (الجمال) ، فإن سلكت هذه المرأة غير الطريق الذي رسم لها، واختارت غير ما اختاروا لها؛ فسيسقطونها، لأنّها لا تملك من إرادتها شيئًا فالحرية ما اختاروه لها، والجمال ما رضوه لها.. فأين اختيارها الذاتي؟! وأين حظّها الصميمي من الحرية؟!

لقد أدّى هذا الواقع الغربي في تشكيل معاني (الأنوثة المرغوبة) من الرجال، إلى ظهور كتّاب غربيين ينكرون معنى مطلق وكيان ثابت اسمه (أنثى) أو تعبير عنه هو (الأنوثة) ؛ من ذلك قول ((أندريا دوركن)) ((Andrea Dworkin)) : ((الاكتشاف هو، بالطبع، أنّ (مفهومَي) ((رجل)) و ((امرأة)) هما خياليين، رَسمَي كاريكاتور، تركيبين ثقافيين.)) (1) ، وهو ما عبّرت عنه مجلّة ((Elle)) ((هِي)) في أحد أعداد سنة 1996م بدعوتها إلى ((تفكيك الصورة النمطيّة للجندر (2)) وتذكيرنا (!) أنّ ((الأنوثة هي تركيب اجتماعي)) معلنة أنّ ((الرجال هم من حدّدوا معنى الأنوثة منذ بدايتها)) (3) ؛ ((فالمرأة تُصنَع ولا تولد)) ((Woman is made not born)) (4) ..!!

إنّ الأنوثة -هنا- ليست إلاّ مُنتَجًا (صناعيًٍا) خاضعًا لرغبات الطالبين.. والطالب هنا هو (الرجل) الذي (تصنع) له المؤسسات التجاريّة (رغباته) و (نزواته) ، ومنها (جمال الأنثى) المطلوب، وهو (جمال) سريع التغيّر، تجاوز الأنماط (العتيقة!) التي كانت تركّز على الألوان وأنواعها وإشراقها، والشعر وتصفيفاته وطوله، إلى أن (يتصرّف) اليوم في جسد المرأة (إضافة) و (حذفًا) في صورة مهينة للقيمة الآدميّة لهذه الأنثى، لا تزيدها إلا خَسْفًا!

وقد أدّى هذا (التشييء الجنسي) للمرأة إلى اقتناع العديد من الغربيات أنّ المرأة -كل امرأة- هي (فاجرة) بالطبع، وليست العفّة إلاّ قانونًا اجتماعيًا دخيلاً على بنيانها النفسي.. أو كما قالت ((ناومي ولف)) ((Naomi Wolf)) في واحد من أحدث كتبها: ((لا وجود لبنات صالحات، كلّنا بنات سيّئات.)) (1) .. وهكذا تحوّلت المرأة في الغرب من (ضحيّة مستغفلة) إلى (مذنبة عن رغبة) ، وهي في كلتا الحالتين، مجرّد دمية يلهو بجمالها الرجال ما دام لها بريق لامع، فإذا خفّت ألوانها وجفّ ماؤها؛ فقدت أحلام آمالها، وانتكست من (آدميّة بهيّة) إلى (قطعة من اللحم والعظم) ثقيلة على النفس، وضيعة القدر!

 


 

الإشارات المرجعية:

 

  1. Andrea Dworkin، Woman Hating، p.174 (Quoted by، Wendy Shalit، op. cit.، p.197)
  2. الجندر: النوع: (ذكر وأنثى) ، وأدواره في الحياة الاجتماعيّة..
  3.  Wendy Shalit، op. cit.، p.107
  4.  Victor E. Taylor and Charles E. Winquist، eds. Encyclopedia of Postmodernism، art. 'Feminism and postmodernism،' London: Routledge، 2003، p.118

 

المصدر:

سامي عامري، الحجاب شريعة الله في الإسلام واليهودية والمسيحية، ص45

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#شبهات-حول-الحجاب
اقرأ أيضا
جهاد النفس ومنعها من شهواتها | مرابط
مقالات

جهاد النفس ومنعها من شهواتها


حدثني محمد بن عبيد الله ثنا عثمان بن مطر عن ثابت عن مطرف بن عبد الله أنه كان يقول: يا إخوتاه اجتهدوا في العمل فإن يكن الأمر كما ترجو من رحمة الله وعفوه كانت لنا درجات الجنة وإن يكن الأمر شديدا كما تخاف وتحذر لم نقل: ربنا أرجعنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل نقول: قد عملنا فلم ينفعنا ذلك

بقلم: ابن أبي الدنيا
586
أعمال القلب وأعمال الجوارح | مرابط
تعزيز اليقين تفريغات

أعمال القلب وأعمال الجوارح


إن الله تعالى رب القلوب والألسن وليس رب القلوب فقط والقلوب لو صلحت لصلحت الجوارح لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب وهذا الحديث يفسد كل دعوى يدعيها بعض الناس إذا نصحته في أمر من الأمور مما أتى الله به قال لك: التقوى هاهنا وهي كلمة حق أريد بها باطل والكلمة قد تكون حقا في مدلولها العام لكن يريد بها القائل أو المتكلم معنى باطلا

بقلم: ابن عثيمين
429
مهارة الحفظ | مرابط
ثقافة

مهارة الحفظ


قدرة الحفظ لها لياقة تنمو بالمراس والمران والدربة والمزاولة ومعيار اللياقة أمران: أن تزيد كفاءة وفعالية المهارة وأن تثمر المهارة نتائجها دون مشقة وتعب مفرط. وهذان يحصلان كما سبق بكثرة التمرين واستمراره.

بقلم: إبراهيم السكران
308
حجاب الغفلة | مرابط
مقالات

حجاب الغفلة


حجاب الغفلة من أعظم جند الشيطان لإغواء بني آدم وما أحوج العبد إلى تمزيق هذا الحجاب بين الفينة والأخرى حتى لا يفجؤه الموت وهو بعيد عن الله حينها تتجلى له الحقيقة. ويعض أصابع الندم على ما قدم وأخر.إن زيارة واحدة للمقبرة ورؤية ذلك اللحد الضيق تكشف لك حقيقة الدنيا وتبين لك عوارها.. أهده نهاية الدنيا التي يتقاتل الناس من أجلها وفعلوا لأجلها الأفاعيل؟

بقلم: د. طلال بن فواز الحسان
241
الموسيقى .. حين تكون عقيدة فكرية! | مرابط
فكر

الموسيقى .. حين تكون عقيدة فكرية!


تجاوز الأمر هذا الحد حتى أصبحت الموسيقى عند بعضهم: هي فطرة إنسانية مما فطر الله الناس عليها فمن يحرمها فهو معاد لفطرة الله ومصادم للطبيعة.وحتى تدرك عمق هذه العقيدة الفكرية: لك أن تتخيل أن بعض الناس كان يعارض تدريس القرآن في الفصول الدراسية بدعوى عدم الحاجة إلى ذلك في نفس الوقت كان متحمسا بشراسة إلى ضرورة تدريس الموسيقى في المدارس!

بقلم: فهد العجلان
281
الموقف من العلوم العقلية | مرابط
فكر مقالات

الموقف من العلوم العقلية


إن الموقف الشرعي من تلك العلوم العقلية -وخاصة علم الفلسفة والكلام- هو الذم والقبيح والتحريم لأنها علوم متضمنة لمناقضة الشريعة أو مخالفة في كثير من موادها إما في الأدلة أو في المسائل. ولأجل هذا فإنه لا يجوز شرعا أن يحكم عليها بمدح مطلق ولا بدعوة مطلقة لدراستها ولا تنشر الكتب المؤلفة فيها ولا تروج موادها بمسالك مطلقة وإنما يوصى بها في حالات مخصوصة تغلب فيها جانب المصلحة على جانب المفسدة

بقلم: د. سلطان العميري
210