الرسم قد يقصد به:
- التماثيل وكل الأشكال المنحوتة والمجسمة التي لها ظل ولها روح كالإنسان والحيوان، كل هذه محرمة ولا إشكال في هذا، لقول رسول الله ﷺ: «من صور صورة في الدنيا كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ» (1)
قال النووي: «وأجمعوا على منع ما كان له ظل ووجوب تغييره» (2)
- الشجر والحجر والسيارات ونحو هذا مما لا روح له، فهو مباح لا حرج فيه، قال النووي: «الشجر ونحوه ممالا روح فيه فلا تحرم صنعته ولا التكسب به وسواء الشجر المثمر وغيره وهذا مذهب العلماء كافة إلا مجاهدا فإنه جعل الشجر المثمر من المكروه قال القاضي لم يقله أحد غير مجاهد» (3)
- رسم ما له روح على الورق بالقلم والريشة، هذا مختلف فيه بين أهل العلم، فذهب القليل إلى أنه مباح وقال إن التحريم ما كان فيه تجسيم كالتماثيل ونحوها.. وذهب الأكثرون إلى أنه حرام ويلحق ما كان له ظل ومجسم، وهو الصواب فالرسم على الورق محرم عن عائشة رضي الله عنها، «قدم رسول الله ﷺ من سفر وقد سترت بقرام لي على سهوة لي فيها تماثيل، فلما رآه رسول الله ﷺ هتكه، وقال: أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله، قالت: فجعلناه وسادة أو وسادتين.». (4) والقرام هو ستر من صوف، كان مرسوم عليه صورا، ولا فرق بين الرسم على الصوف وعلى الورق.
فرسول الله ﷺ أمر عائشة بإزالة تلك الصور المصورة على الصوف وهذا دليل حرمة الرسم على الورق. وعن عائشة قالت: « قدم رسول الله ﷺ من سفر، وقد سترت على بابي درنوكا-نوع من الستائر- فيه الخيل ذوات الأجنحة، فأمرني فنزعته .» (5)
- أما رسم الرأس بدون جسد فمحل خلاف، فقال قوم هو محرم، لعموم النهي عن تصوير ما فيه روح عموما. وقيل هو مباح، لأن الصورة الموجودة ليست كاملة، وهذا الذي نراه لقول النبي ﷺ:«الصورة الرأس، فإذا قطع الرأس فلا صورة». (6)
قال ابن قدامة: «وكذلك إذا كان في ابتداء التصوير صورة بدن بلا رأس، أو رأس بلا بدن، أو جعل له رأس وسائر بدنه صورة غير حيوان، لم يدخل في النهي؛ لأن ذلك ليس بصورة حيوان». (7)
وقال ابن بلبان: «ويحرم تعليق ما فيه صورة حيوان، وستر الجدر به، وتصويره، فإن قطع رأس الصورة أو ما لا تبقى الحياة بعد ذهابه؛ كصدرها وبطنها، أو صورت بلا رأس، أو بلا صدر أو بلا بطن، أو جعل رأسها منفصلا عن بدنها، أو رأس بلا بدن، فلا كراهة». (8)
- رسم المخلوقات المتخيلة يدخل في الحرمة أيضا، عن عائشة قالت: « قدم رسول الله ﷺ من سفر، وقد سترت على بابي درنوكا فيه الخيل ذوات الأجنحة، فأمرني فنزعته». (9)
- الدمى أو لُعب الاطفال (مونيكات) وكذا الرسوم لهم، كل هذا مباح وليس بحرام ومستثنى مما ورد ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله ﷺ إذا دخل يتقمعن منه فيسربهن إلي فيلعبن معي.». (10)
و«عن عائشة قالت: قدم رسول الله ﷺ من غزوة تبوك، أو خيبر، وفي سهوتها ستر، فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب، فقال: "ما هذا يا عائشة؟ " قالت: بناتي، ورأى بينهن فرسا لها جناحان من رقاع، فقال: "ما هذا الذي أرى وسطهن؟ " قالت: فرس، قال: "وما هذا الذي عليه؟ " قالت: جناحان: قال: "فرس له جناحان؟! " قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلا لها أجنحة؟ قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه». (11)
فلا حرج وهو مباح، قال القاضي عياض:«يختلف في كراهة ما كان له ظل ووجوب تغييره وكسره، إلا ما ورد فى اللعب بالبنات لصغار البنات والرخصة فى ذلك». (12)
قال النفراوي: «يستثنى مما له ظل قائم المجمع على حرمته صور لعب البنات فإنه لا تحرم، ويجوز استصناعها وصنعها وبيعها وشراؤها لهن لأن بهن يتدربن على حمل الأطفال». (13)
الإشارات المرجعية:
- [صحيح البخاري (7/ 169 ط السلطانية)].
- [شرح النووي على مسلم (14/ 82)].
- [شرح النووي على مسلم (14/ 91)].
- [صحيح البخاري (7/ 168 ط السلطانية)]
- [صحيح مسلم (6/ 158 ط التركية)].
- [معجم أسامي شيوخ أبي بكر الإسماعيلي (2/ 662)].
- [المغني لابن قدامة - ط مكتبة القاهرة (7/ 282)].
- [مختصر الإفادات في ربع العبادات والآداب وزيادات (ص371)].
- [صحيح مسلم (6/ 158 ط التركية)].
- [صحيح البخاري (8/ 31 ط السلطانية)].
- [سنن أبي داود (7/ 292 ت الأرنؤوط)]
- [إكمال المعلم بفوائد مسلم (6/ 635)].
- [الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (2/ 315)].