الرأسمالية ومعاناة الإنسان

الرأسمالية ومعاناة الإنسان | مرابط

الكاتب: علي محمد علي

425 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

تم طرد برايان من عمله في أحد فروع شركة الدوناتس الشهيرة عالميًا لأنه قرر أن يعطي الدوناتس التي لم تباع في هذا اليوم إلى بعض الفقراء والمُشردين ولم يقم بإلقاءها في القمامة كما تأمره الإدارة!

من الواضح أن الإدارة ترى أن رؤية الجمهور للدوناتس الخاص بهم في إيدي الفقراء والمشردين يقلل من قيمة العلامة التجارية في نفوس المستهلكين!

- قرابة 40% من الغذاء الذي يتم إنتاجه ومعالجته ونقله في أمريكا يتم إهداره.. هل تتخيل الرقم؟ .. هذه الكمية وحدها كافية للقضاء على الجوع في العالم.. بل تزيد عن  القدر المطلوب! .. فالأمريكان من أكثر الشعوب شهية وأكثرهم سمنة بسبب عاداتهم الغذائية. 

هذا القدر كبير جدًا لدرجة أن غاز الميثان الناتج عن تحلل هذه الأطعمة المهدرة له تأثير على التغير المناخي! 

السؤال هنا.. لماذا يتم هدر كل هذا الطعام؟
الجواب ببساطة.. إنها متطلبات الرأسمالية.. 

جانب من هذا الهدر سببه التحكم في مقدار العرض والطلب للحفاظ على الأسعار.. جانب آخر مرتبط بسلوك استهلاكي سيء تنميه الشركات عبر مختلف أنواع الدعايا والإعلانات.. جانب آخر خاص بالحفاظ على شكل العلامة التجارية.. فمثلًا هناك ألاف الأطنان من الثمار السليمة تمامًا يتم هدرها من مصدرها لأن شكلها ليس منتظم تمامًا.. وسلاسل الأسواق التجارية هناك ترفض عرضها لأن شكل ثمرة الطماطم المنبعجة قليلًا يؤثر على انطباع الزبون عن المحل!! 

وبعد كل هذا يقولون لنا أن الكوكب لا يتحمل الزيادة السكانية في بلادنا!

لكن ماذا عن الماء؟.. هل مقدار الماء العذب المتاح على الكوكب لا يكفي عدد سكان الكوكب لو زاد عن رقم معين.. سواء كان 8 أو 12 مليار؟ 

تكلفة تحلية 1000 جالون من مياه البحر لا تتعدى 5 دولار!! لكن هذا يكون بعد بناء البنية التحتية لمحطات التحلية وهي مُكلفة.. وهنا يظهر وجه آخر قبيح للرأسمالية.. وهي أنها لا تهتم بمعاناة الإنسان .. هي تهتم بالربح وفقط..  وبما أن الاستثمار في تحلية مياه البحر غير مجدي حاليًا فلن تجد مستثمرين يسعون لحل هذه المشكلة مع أن حلها سهل.. المشكلة أن الربح ليس كبير ويحتاج وقت طويل!

القبح هنا يظهر في مطالبة الرأسماليون تخلي الدول والحكومات عن دورها في البناء والإنتاج وترك ذلك للسوق.. ولو فعلت الدول ذلك لمات الملايين عطشًا لأن الرأسمالية لن تهتم بإنشاء محطات تحلية في الأماكن التي تحتاجها... أو هي ستهتم لكن ستبيع لتر الماء بمبالغ باهظة لا يقدر عليها المواطن العادي. 

مياه المحيطات لا تنفذ.. لكن للأسف كون الرأسمالية تحكم كل دول العالم تقريبًا فكل جهود تطوير تقنيات تحلية المياه وبناء المحطات يقع على عاتق حكومات على كاهلها حرائق أكبر من مشكلة الماء حاليًا.. وكل مسئول لن يهتم بما يقع خارج نطاق فترة حكمه ومسئوليته.. 

الخلاصة هي أن هذا الكوكب به ما يكفي من الماء لتريليون إنسان وأكثر.. لكن كالعادة التحرك نحو تحقيق هذه الكفاية يحكمه السوق والربح والخسارة حاليًا..

لكن عاجلًا أو آجلًا ستحدث المعاناة التي ستجبر الجميع على التحرك.. ستكون هناك معاناة لعدة عقود.. لكن المشكلة لها حل معروف وفي الإمكان. ما زلنا مع السؤال.. هل تكفي باقي الموارد الآخرى كالمعادن مثلًا لضمان الحياة لأكثر من 12 مليار إنسان؟ 

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الرأسمالية
اقرأ أيضا
كلمة جامعة عن أهمية المحافظة على صلاة الفجر | مرابط
تفريغات

كلمة جامعة عن أهمية المحافظة على صلاة الفجر


في صلاة الفجر تقابلون صفوة المجتمع صلاة الفجر مقياس لمستوى الأمة وقيمتها فالأمة التي تفرط في الفجر في جماعة أمة لا تستحق القيام بل تستحق الاستبدال وعلى الجانب الآخر الأمة التي تحرص على صلاة الفجر في جماعة أمة اقترب ميعاد تمكينها في الأرض

بقلم: د راغب السرجاني
836
هل المرأة العاملة هي صاحبة القيمة الأعلى؟ | مرابط
النسوية المرأة

هل المرأة العاملة هي صاحبة القيمة الأعلى؟


هناك نوعية من النساء يدعمهن بعض المنسونين من الرجال ترى أن المرأة العاملة هي صاحبة القيمة الأعلى من غير العاملة فربة البيت عندهم ليس لها قيمة لأنها لم تجد ذاتها ولم تبحث عن نفسها ولم تحارب من أجل كينونتها ولم تصنع لنفسها مسارا بعيدا عن قهر الرجل المنزلي ولم تجعل لها مصدرا للمال غير المصدر الأبوي أو الزوجي الذكوري عندها!!

بقلم: محمد سعد الأزهري
552
دليل مباشر على وجود الخالق سبحانه | مرابط
تعزيز اليقين الإلحاد

دليل مباشر على وجود الخالق سبحانه


أيها الملحد! إذا أعطيتك كتالوج كتاب- به كل مواصفاتك وبرمجة كاملة لمنظوماتك الوظيفية طولك ولون عينيك ووظائف أعضائك ونوع شعرك وكمية البروتين التي تحتاجها عضلاتك والقوانين التي تحكم أجهزة جسدك وسرعة النبضة الكهربية في أعصابك ومعدلات ضخ الدم في قلبك ومعدلات إفراز الهرمونات في غددك إلى جانب كل ذلك تفصيل دقيق لكل وظائفك الحيوية وطريقة تصنيع كرات دمك وأنظمة الهضم والإخراج والأيض وكل ما يختص بالوظائف البيولوجية لجسدك.. هل ما زلت تجادل في خالقك؟

بقلم: د. هيثم طلعت
401
نتن الملاحدة | مرابط
الإلحاد

نتن الملاحدة


وما شأن الملحدة إن تكفر تملأ صفحتها بصور عارية لها أو لنساء ورجال يفحشون ببعضهم البعض ولا تتحدث إلا بالإقذاع والزور على أمهات المؤمنين والإفك والبهتان على المحجبات والصالحين وتفح حقدا ولا تطيق صبرا أن تبيد حواضر الإسلام ويذل أهله

بقلم: عمرو عبد العزيز
450
باب الصفات: بين عقيدة السلف وتحريف الجهمية | مرابط
أباطيل وشبهات

باب الصفات: بين عقيدة السلف وتحريف الجهمية


وما قرره الإمام الترمذي هنا وحكاه عن علماء أهل السنة من إثبات صفات الله تعالى وعدم التعرض لكيفيتها مع تنزيه الله عن مشابهة المخلوقات فهو الحق الذي تلقوه عمن قبلهم من سلف الأمة وإنما يكون أثباتها مع العلم بمعانيها وأما دعوى اثبات الصفة دون العلم بمعناها فقول متناقض مضطرب لا يحتمله منهج السلف ولا تأتي به اللغة ولا يقوم بعقل عاقل.

بقلم: عبد الله القرني
353
المذاهب والفرق المعاصرة: القدرية ج1 | مرابط
تفريغات

المذاهب والفرق المعاصرة: القدرية ج1


أهل السنة والجماعة يؤمنون بالقدر إيمانا كاملا مفصلا وعقيدتهم في الإيمان بالقدر عقيدة واضحة وبينة وهم ينهون ويأمرون بالإمساك عن مسائل القدر إذا كان الخوض فيها بغير منهاج الشرع فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم والناس يتكلمون في القدر قال: فكأنما تفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب وقال: ما لكم تضربون كتاب الله بعضه ببعض بهذا هلك من كان قبلكم وهذا حديث صحيح رواه الإمام أحمد في المسند بإسناد صحيح

بقلم: عبد الرحيم السلمي
938