تم طرد برايان من عمله في أحد فروع شركة الدوناتس الشهيرة عالميًا لأنه قرر أن يعطي الدوناتس التي لم تباع في هذا اليوم إلى بعض الفقراء والمُشردين ولم يقم بإلقاءها في القمامة كما تأمره الإدارة!
من الواضح أن الإدارة ترى أن رؤية الجمهور للدوناتس الخاص بهم في إيدي الفقراء والمشردين يقلل من قيمة العلامة التجارية في نفوس المستهلكين!
- قرابة 40% من الغذاء الذي يتم إنتاجه ومعالجته ونقله في أمريكا يتم إهداره.. هل تتخيل الرقم؟ .. هذه الكمية وحدها كافية للقضاء على الجوع في العالم.. بل تزيد عن القدر المطلوب! .. فالأمريكان من أكثر الشعوب شهية وأكثرهم سمنة بسبب عاداتهم الغذائية.
هذا القدر كبير جدًا لدرجة أن غاز الميثان الناتج عن تحلل هذه الأطعمة المهدرة له تأثير على التغير المناخي!
السؤال هنا.. لماذا يتم هدر كل هذا الطعام؟
الجواب ببساطة.. إنها متطلبات الرأسمالية..
جانب من هذا الهدر سببه التحكم في مقدار العرض والطلب للحفاظ على الأسعار.. جانب آخر مرتبط بسلوك استهلاكي سيء تنميه الشركات عبر مختلف أنواع الدعايا والإعلانات.. جانب آخر خاص بالحفاظ على شكل العلامة التجارية.. فمثلًا هناك ألاف الأطنان من الثمار السليمة تمامًا يتم هدرها من مصدرها لأن شكلها ليس منتظم تمامًا.. وسلاسل الأسواق التجارية هناك ترفض عرضها لأن شكل ثمرة الطماطم المنبعجة قليلًا يؤثر على انطباع الزبون عن المحل!!
وبعد كل هذا يقولون لنا أن الكوكب لا يتحمل الزيادة السكانية في بلادنا!
لكن ماذا عن الماء؟.. هل مقدار الماء العذب المتاح على الكوكب لا يكفي عدد سكان الكوكب لو زاد عن رقم معين.. سواء كان 8 أو 12 مليار؟
تكلفة تحلية 1000 جالون من مياه البحر لا تتعدى 5 دولار!! لكن هذا يكون بعد بناء البنية التحتية لمحطات التحلية وهي مُكلفة.. وهنا يظهر وجه آخر قبيح للرأسمالية.. وهي أنها لا تهتم بمعاناة الإنسان .. هي تهتم بالربح وفقط.. وبما أن الاستثمار في تحلية مياه البحر غير مجدي حاليًا فلن تجد مستثمرين يسعون لحل هذه المشكلة مع أن حلها سهل.. المشكلة أن الربح ليس كبير ويحتاج وقت طويل!
القبح هنا يظهر في مطالبة الرأسماليون تخلي الدول والحكومات عن دورها في البناء والإنتاج وترك ذلك للسوق.. ولو فعلت الدول ذلك لمات الملايين عطشًا لأن الرأسمالية لن تهتم بإنشاء محطات تحلية في الأماكن التي تحتاجها... أو هي ستهتم لكن ستبيع لتر الماء بمبالغ باهظة لا يقدر عليها المواطن العادي.
مياه المحيطات لا تنفذ.. لكن للأسف كون الرأسمالية تحكم كل دول العالم تقريبًا فكل جهود تطوير تقنيات تحلية المياه وبناء المحطات يقع على عاتق حكومات على كاهلها حرائق أكبر من مشكلة الماء حاليًا.. وكل مسئول لن يهتم بما يقع خارج نطاق فترة حكمه ومسئوليته..
الخلاصة هي أن هذا الكوكب به ما يكفي من الماء لتريليون إنسان وأكثر.. لكن كالعادة التحرك نحو تحقيق هذه الكفاية يحكمه السوق والربح والخسارة حاليًا..
لكن عاجلًا أو آجلًا ستحدث المعاناة التي ستجبر الجميع على التحرك.. ستكون هناك معاناة لعدة عقود.. لكن المشكلة لها حل معروف وفي الإمكان. ما زلنا مع السؤال.. هل تكفي باقي الموارد الآخرى كالمعادن مثلًا لضمان الحياة لأكثر من 12 مليار إنسان؟