سجل في الصندوق قبل أن يغلق الاكتتاب .. كانت أعمار بني آدم في الأزمنة السابقة طويلة، وأما أعمار أمة خاتم الأنبياء غما بين الستين إلى السبعين، إلا أن الله تعالى بفضله وبمنه وكرمه عوض نقص أعمار هذه الأمة بأن جعل لهم مواسم الخيرات محطات يتزودون بها، ومن تلك المواسم عشر ذي الحجة حيث فضلت على سائر أيام السنة للحديث الذي رواه ابن عباس أن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال: "ما العمل في أيام أفضل منها في هذه" قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد، إلا رجلٌ خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء".
فقد أطلق النبي صلى الله عليه وسلم لكل عامل أن يعمل ما يرغب فيه ويحبه ويتوافق مع قلبه بغض النظر عن فعل الناس. ولنبدأ أولا بالتوبة من جميع الذنوب الظاهرة وتطهير القلب من الكبائر كالحسد والكبر وسوء الظن والحقد. فينبغي للمشفق على نفسه أن يستثمر لنفسه في هذه الأيام المباركة ويتخصص في مشروع أو أكثر فيكثر منه وبخاصة فيما يجد له توافقا مع قلبه وأثرا عليه، ويرى نفسه تنشط له أكثر من غيره.
ويتقاسم ذلك مع أهل بيته ويتواصون به. ومن هذه الأعمال:
1. الإقبال على القلب الذي هو محل نظر الرب جل وعلا فقد يرى أنه بحاجة ماسة إلى تطهير قلبه وتصحيحه وتنقيته من الغل والحسد والبغضاء والحقد وسوء الظن والكبر ويقول سأتخذ من العشر هذه فرصة في غسل قلبي وتنقيته من هذه الآفات.
2. وقد يتطلع آخر إلى معالجة لسانه عن الغيبة و الاستماع إليها ويقول لن يسجل علي في هذه العشر غيبة لمسلم أو سماع غيبة في مسلم. أو تنقص واستصغار لمسلم.
3. وآخر يقول: أنا سأجاهد نفسي على صيانة سمعي وبصري من فضول السمع وفضول النظر فضلا عن المكروهات والمحرمات.
4. وقد يقول آخر:" أما أنا فألزم الذكر وأعالج قلبي على موافقة لساني وأكثر من الأذكار والاستغفار مرققا لقلبي مستشعرا فضل الله علي.
5. وقد يرى آخر أنه من المهم استغلال هذه العشر في الدعاء والتضرع إلى الله تعالى في أوقات الإجابة ويدعو للمسلمين بالصلاح والهداية والتوفيق، ويقول: سأبكي بين يدي الله تعالى طوال هذه العشر بأن يصلح الله أحوال الأمة ويكشف عنها الغمة وأن يولي عليها خيارها، وأن يكفيها شر شرارها.
6. وقد تجد من يقول أنا لا أجد قلبي وصلاح نفسي بمثل ملازمة المسجد للعبادة فستكون هذه العشر فرصتي التي لا تفوت في البقاء في المسجد تاليا وذاكرا ومصليا وداعيا.
7. بينما آخر يرى أن هذه العشر فرصته في الصيام ويجد فيه من اللذة ما لا يجده في سائر العبادات.
8. وقد يقول قائل: أن سأستثمر هذه العشر في بر والدي وسأجلس بجانبهما مؤنسا وخادما لهما.
9. بينما يقول آخر: سأتخذ من العشر فرصة لصلة أرحامي وأقاربي وتفقدهم.
10. وقد يرى آخر بأن هذه العشر فرصته في مجاهدة نفسه على العفو والمسامحة والتجاوز عن الآخرين.
11. وآخر يقول: سأتخذ هذه العشر موسما لزيارة المرضى في البيوت والمستشفيات داعيا لهم وراقيا ومصبرا.
12. وهناك من ينشط في السعي في إصلاح ذات البين ويقول سأبدأ في هذه العشر في إصلاح ما بين أقاربي وأحبابي وزملائي وأرمم تلك الشروخ التي وقعت بينهم فإني أجدني أنشط لهذا أكثر من غيره.
13. وقد تجد من يرغب في الصدقة ويرى أن أثرها على نفسه وقلبه أكثر من غيرها من الصالحات.
14. وٱخرون سينشطون في قراءة القرآن وإقرائه وتعليمه لمن لا يعلمه أضعاف ما ينشطون في غيره فيتخذون من هذه العشر موسما لتعليم الكبار والصغار كتاب الله تعالى.
15. وقد يجد بعض أهل العلم من اللذة والسرور والفرح في تعليم الناس ما لا يجده في غيره من العبادات فيتخذ من هذه العشر موسما للتعليم في جميع أوقات الصلوات.
16. وقد نسمع من يقول أنا في أمر الدعوة إلى الله تعالى وترغيب الناس في الخير أكثر استفادة من غيرها من المشروعات فسأتخذ من هذه العشر موسما لدعوة الشباب مثلا أو دعوة القرى أو غير ذلك من شرائح المجتمع.
17. ولن نعدم في هذه العشر من يرغب وينشط في شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيأخذ على نفسه أن لا يمر عليه وقت إلا وقد أمر بمعروف أو نهى عن منكر بالحكمة والموعظة الحسنة.
18. وآخر حول هذه العشر إلى موسم للوعظ والإرشاد وتذكير الناس وترقيق قلوبهم في المساجد والمناسبات، ويجد أثر ذلك على نفسه وقلبه ظاهرا.
19. وسنرى من يعاهد الله على بذل النصيحة للجميع ولا يمر عليه يوم أو ليلة في هذه العشر إلا وقد بذل فيها شيئا من النصح
20-وقد يجد بعض الناس من اللذة والفرح والسرور في السعي على الفقراء والمساكين والأرامل أكثر مما يجده في غيرها من الأعمال فينذر نفسه في خدمتهم في هذه العشر المباركة.
21- وآخرون برزو لافطار الصائمين فلهم مثل أجرهم.
وقد ينشط آخرون في مشاريع غير هذه وهي كثيرة جدا.. ولله الحمد والمنة أن نوع لنا العبادات حتى يأخذ كل مسلم ما يناسبه وينشط له ويجد قلبه ونفسه فيه، وهكذا ينبغي لكل محب لنفسه أن يسارع في استثمار هذه العشر.