ماذا تركت لأجلي؟

ماذا تركت لأجلي؟ | مرابط

الكاتب: د. جمال الباشا

337 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

لا بد أن تُعدَّ لهذا السؤال جوابا أيها المبارك فإنك مسؤول عنه لا محالة، فبرهان صدق المُحب التضحيةُ لأجل المحبوب وإيثاره على ما سواه.

لقد ترك سيدنا إبراهيم محبوبات كثيرة امتحنه الله تعالى بها، كان أعظمها امتحانه بذبح ولده لأجله، فنجح في اجتياز الاختبار بمرتبة الشرف الأولى، ونال رضى المحبوب ووسام الخلة.

وهجر سيدنا لوط منكرات قومه وهاجر إلى ربه بعد أن ناله منهم كل أنواع الأذى طلبا لمرضاته وقربه.

وترك يوسف الصديق أعظم شهوات الغريزة البشرية مع تمكنه منها وقدرته عليها وكان السجن أحب إليه على ما فيه من ضيق ومرارة إيثارا لمحبوبه الأعلى الذي يحبه ويرجوه ويخشاه ويستحيي منه، فأثابه الله بمقام (إنه من عبادنا المخلَصين)

وهجر رسولنا الحبيب وصحابته الكرام موطنهم وأحب البقاع إليهم وتركوا منازلهم وتجاراتهم وأموالهم لنيل رضى المحبوب الأعلى.

وقد ترك كل واحد من الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار شيئا يحبه لأجل الله:
فأحدهم ترك الطعام على جوع في نفسه وأهله وولده لأجل البر الذي يحبه مولاه.
والثاني ترك ما قدر عليه من الشهوة المحرمة التي كان ينتظرها ساعة بساعة، لكلمة (اتق الله).
والثالث ترك مالا عظيما أدى به الأمانة لأجير لا يعلم عن ماله شيئا، وكان يرضيه أن يأخذ أجرته فحسب، كل هذا لأنه يتعامل مع الله العظيم الذي يعلم السر وأخفى.
وقائمة العرض لمواقف الصالحين تطول، فأين أنت منهم؟!

لو قال لك الله حين تلقاه
عبدي .. أي قدر كان لي في قلبك؟!
على أي محبوباتك آثرتني؟!
ماذا سيكون جوابك لو سألك الجليلُ ماذا تركت لأجلي؟!

يا لروعة الجواب حين يكون:
- تركت لأجلك دفءَ الفراش ولذة النوم وسعيت إلى بيوتك في ظلمة الليل.
- تركت لأجلك شهوات بها يلذ السمع والبصر والبطن والفرج، كانت في متناول اليد، لكني خفت مقامك واستعظمت معصيتك.
- تركت لأجلك أموالا كنتُ في أمسِّ الحاجة إليها لكنها لم تسلم من شبهة، فآثرت السلامة منها لمرضاتك.
- تركت الانتقام لنفسي ولم أنفذ غضبي مع قدرتي عليه طلبا لعفوك.
- تركت ما لا يعنيني، وتركت المراء مع أني محق لأني أعلم أنك تكرهه.
- تركت القعود في المناطق المريحة الآمنة مع القاعدين، وأبيت السكوت مع الخانعين، فصدعت بالحق ونصحت لك ولدينك ورسولك وللمسلمين حتى نالني الأذى في سبيلك.

ويقول الشاب التائب: لأجلك ربي تركتُ رفقاء الطيش وطريق الهوى وآثرت طريق العفاف والهدى، وصبرت على مقاومة كل وسائل الجذب والإغراء حتى صرت بين الشباب غريبا في مظهري ومخبري.

وتقول أمة الله: لأجلك ربي تركت التبرج والزينة التي أحب، وخالفت بيئتي المتحررة التي فيها نشأت، ونالني فيك السخرية والأذى.

وتتعدد المواقف وتتنوع التضحيات، بالمال  .. المنصب .. المركز والجاه .. والحظوظ الفانية التي لا حصر لها، وأعلاها على الإطلاق الجود بالنفس لأجل المحبوب وهو مقام الشهداء الذي يلي مقام الأنبياء والصديقين.

فيامن سألت ربك منازل الشهداء أبصر في مطلبك الشريف واعلم أن دونه مراتب ومراتب في التضحية عليك أن تجتازها. وادخر في خبيئاتك المكنونة ملفا خاصا عنوانه: (ماذا قدمت لأجله).

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#ماذا-تركت-لله
اقرأ أيضا
شبهات حول الحجاب: الحجاب شريعة رجعية ج1 | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات المرأة

شبهات حول الحجاب: الحجاب شريعة رجعية ج1


كثيرا ما طرق آذان المسلمات قول صارخ منتفش ودعوى فجة مغرورة أن مطالبة المرأة العربية بارتداء الحجاب في القرن الواحد والعشرين حيث تطور العالم وبلغ في ابتكاراته العلمية الذروة وتطور المجتمع وأصبح أكثر انفتاحا ونضجا لهو دعوة صريحة إلى الانتكاس والعودة إلى القرون الوسطى عصور الظلام

بقلم: سامي عامري
1010
محاضن الفطرة.. غرائز الآباء | مرابط
اقتباسات وقطوف

محاضن الفطرة.. غرائز الآباء


أهم ما يقوي الفطرة السوية عند الأبناء غرائز وميول الآباء.. انتقاء الألفاظ والحياء والرحمة والصفاء النفسي وغيره مما ركب في نفس الأم السوية.. الشجاعة والكرم والمروءة والعدل ونحوه مما ركب في نفس الأب السوي.. محاضن الفطرة غرائز الآباء!

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
325
الزهد: بين ما نؤمن به وما نعيشه | مرابط
فكر

الزهد: بين ما نؤمن به وما نعيشه


هل تريد أن نستمتع بالدنيا بدرجة من الرفاه والعلو؟ هل تريد أن تمتلك الدنيا بيديك وفي جيبك وتزهو يمنة ويسرة؟ قد لا يكون هذا حراما إذا أخذت حيطتك من الحرام والعلو في الأرض. لكن عليك أن تقر بمنزلة أخرى هي خير من منزلتك فأنت تنكرها. أنت تنكر أن يكون بعض الزهد هو هجر متاع الدنيا وعدم تملكه من الأساس. وبناء عليه تقول لتصرفات بعض الزهاد: إنهم متنطعون.. متشددون.. يحرمون زينة الله التي أخرج لعباده..

بقلم: خالد بهاء الدين
377
جمالية الأمومة | مرابط
مقالات المرأة

جمالية الأمومة


الأمومة في الإسلام مفهوم خاص وكذلك سائر مفاهيم الأسرة كالأبوة والبنوة والعمومة والخؤولة ... إلخ. يخطئ من يظن أن تلك المصطلحات كما وردت في النصوص الشرعية من كتاب وسنة هي بالمعنى البيولوجي التناسلي فقط! كلا! إنها مفاهيم تعبدية! فالأبوة بالمعنى الجنسي أو الأمومة بالمعنى التناسلي كلاهما مفهوم بيولوجي له دلالة جنسية يشترك فيها بالتساوي الإنسان مع سائر البهائم والحيوانات الأهلية والوحشية!

بقلم: فريد الأنصاري
458
لماذا نصوم الجزء الأول | مرابط
تفريغات

لماذا نصوم الجزء الأول


الصيام من أركان الإسلام عبادة لا يفوتها أي مسلم العالم منهم والعامي ولكن كثيرا من المسلمين لا يعرفون لماذا نصوم وما هي حكمة الصيام وكيف نؤدي هذه العبادة على وجهها الصحيح وبين يديكم تفريغ لمحاضرة هامة لأبي بكر الجزائري يجيب فيها عن هذا السؤال: لماذا يصوم المسلمون

بقلم: أبو بكر الجزائري
783
عن الخطرات | مرابط
مقالات

عن الخطرات


وأما الخطرات: فشأنها أصعب فإنها مبدأ الخير والشر ومنها تتولد الإرادات والهمم والعزائم فمن راعى خطراته ملك زمام نفسه وقهر هواه ومن غلبته خطراته فهواه ونفسه له أغلب ومن استهان بالخطرات قادته قهرا إلى الهلكات ولا تزال الخطرات تتردد على القلب حتى تصير منى باطلة

بقلم: ابن القيم
377