معركة النسيان والتذكر

معركة النسيان والتذكر | مرابط

الكاتب: كريم حلمي

278 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

من أهم المعارك الإنسانية الداخلية معركة النسيان والتذكر! .. ولذلك فإن القرآن يحدثنا كثيرًا عنهما، ويقابل بينهما في مواضع كثيرة أيضًا، كقوله تعالى: "اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ"، وقوله جل وعلا: "وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ"، وقوله سبحانه: "وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ"، وقوله تعالى: "فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ" ..

وداء النسيان هذا هو الذي قد يجعل الإنسان إذا نزل به البلاء انهمك في أسباب الدنيا وغفل عن الفرار إلى الله سبحانه وشكاية البث والحزن إليه!

ومن ذلك أننا نؤمن بالجنة والنار، لكن من آمن بذلك حق الإيمان كأنه رأي عين = لم يعص الله سبحانه، لكننا نعصي، وذلك لأننا ننسى، كما اشتكى حنظلة للنبي صلى الله عليه وسلم: "عافَسْنا الأزْواجَ والأوْلادَ والضَّيْعاتِ، ونَسِينا كَثِيرًا" ..

فينبغي للمؤمن إذا نزل به البلاء أن يجتهد في التذكر، "إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ"، حتى التقي قد يصيبه مس من الشيطان، المهم أن يتذكر فيبصر!

والأهم من ذلك أن يكون الإنسان دائم التذكير لنفسه في حال اليُسر لكيلا تخونه في حال العسر، وهذا من معاني قول النبي صلى الله عليه وسلم: "تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة"، ومن معرفته لك في الشدة أنه يذكّرك، كما وقع ليوسف عليه السلام، "وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ"، فذكّره وبصّره وصرف عنه السوء والفحشاء لما كان عليه من حال الإخلاص ومقتضيات الاستخلاص!

ولذلك فإن من أعظم وظائف المسلم أوراده الحيّة النابضة في الحضر والسفر والرخاء والشدة، فإنها عصمة من النسيان، ولُب ذلك وأصله والمجزئ منه = الصلاة وما فيها من قرآن وذكر، ولُبها الفاتحة، ولذلك كانت لزامًا في الرخاء والشدة واليسر والعسر، ومن استزاد زاده الله، والدواء بقدر الداء والحاجة، وما أحوجنا والله! وما أعظم الأدواء وأكثرها!
والله المستعان!
اللهم غفرًا وسلامة!

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النسيان #التذكر #كريم-حلمي
اقرأ أيضا
القدوة التربوية | مرابط
مقالات ثقافة

القدوة التربوية


لم يجعل الله تعالى كتابه حجة على قوم إلا برسول يبعثه إليهم يبلغهم البلاغ القولي بتلاوة آياته والعملي بتمثل أحكامه .. فاصطفى - سبحانه - من الناس رسلا كراما حتى ختم الرسالات بمحمد عليه الصلاة والسلام فبلغ البلاغين وفقا لأمر ربه فكان من بلاغة أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - حين سئلت عن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - أن قالت: كان خلقه القرآن.

بقلم: مشاري الشثري
170
لماذا يقع الخطأ من المخلصين؟ | مرابط
اقتباسات وقطوف

لماذا يقع الخطأ من المخلصين؟


واعلم أن الله تعالى قد يوقع بعض المخلصين في شيء من الخطأ ابتلاء لغيره أيتبعون الحق ويدعون قوله أم يغترون بفضله وجلالته؟ وهو معذور بل مأجور لاجتهاده وقصده الخير وعدم تقصيره ولكن من تبعه مغترا بعظمته بدون التفات إلى الحجج الحقيقية من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فلا يكون معذورا

بقلم: عبد الرحمن المعلمي اليماني
343
نحن المسلمين | مرابط
فكر مقالات

نحن المسلمين


لا نهن ولا نحزن ومعنا الله ونحن نسمع كل يوم ثلاثين مرة هذا النداء العلوي المقدس هذا النشيد القوي: الله أكبر البطولة سجية فينا وحب التضيحة يجري في عروقنا لا تنال من ذلك صروف الدهر ولا تمحوه من نفوسنا أحداث الزمان لنا الجزيرة التي يشوى على رمالها كل طاغ يطأ ثراها ويعيش أهلها من جحيمها في جنات

بقلم: علي الطنطاوي
1422
ابن تيمية والعقل | مرابط
اقتباسات وقطوف

ابن تيمية والعقل


ينظر كثير من الناس إلى كتاب درء تعارض العقل والنقل على أنه كتاب عقيدة للرد على الرازي والأشاعرة فقط والصحيح أنه -بالإضافة إلى ذلك- كتاب في المنهج منهج تلقي النصوص وتفسيرها وفهمها ومنهج للفهم العقلي بشكل عام فأساس الخلل الذي لحق بكثير من علماء الإسلام هو تخليهم عن المنهج الذي كان يسير عليه علماء الإسلام منذ الصحابة في فهم النصوص وقصدت فيه الرد على أهل الكلام بعامة والرازي بخاصة في قانونهم الذي أسموه القانون الكلي في التأويل

بقلم: د راشد العبد الكريم
439
استحضار عظمة القرآن الكريم | مرابط
تعزيز اليقين تفريغات

استحضار عظمة القرآن الكريم


لك أن تتصور أن الذي خلقك وصورك وأنطقك وجعلك قابلا للتفكير والتأمل وجعل لديك هذه القدرة العقلية والقدرة على المقارنة والتحليل والنظر إلخ الذي أودع فيك هذه البصمة التي تختلف عن بصمة أخيك وأمك وأبيك وابنك وزوجتك إلخ والذي جعل فيك هذا المستودع من الخلايا والجينات والأعصاب واللحم والعظام والمفاصل إلخ هذا الذي أبدع هذا النظام كله والنظام الكوني: هو الذي أنزل هذا القرآن الكريم

بقلم: أحمد يوسف السيد
461
مصير الديانات أمام التقدم العلمي الجزء الثاني | مرابط
فكر مقالات

مصير الديانات أمام التقدم العلمي الجزء الثاني


بعدما وصلت الموجة العلمية كل العالم تقريبا والتحديثات قد طالت كل شيء في الحياة ظهرت بعض الأدعياء يقولون أن هذا العالم الجديد لا مكان للدين فيه بل ظهرت نظرية جديدة في الطرف المقابل مضمونها أن الأديان وإن كانت عريقة في القدم لكن تقدمها الزماني لا يكسبها صفة الثبات والخلود بل هو بالعكس يطبعها بطابع الشيخوخة والهرم وينذر بأن مصيرها إلى الاضمحلال والفناء وفي هذا المقال بجزئيه رد على هذه النظرية وتلك الأباطيل

بقلم: محمد عبد الله دراز
1761