منهج السلف في إثبات أسماء الله وصفاته ج2

منهج السلف في إثبات أسماء الله وصفاته ج2 | مرابط

الكاتب: أبو إسحق الحويني

768 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

 

 

الرد على شبهة المعتزلة والأشاعرة في أن خبر الواحد لا يحتج به في العقيدة

ما قالوا كما قالت المبتدعة من المعتزلة والأشاعرة وأشباههم: إن خبر الواحد لا يحتج به في العقيدة.. هذا أصل من أصول المبتدعة التي ردوا بها دلالات النصوص الواضحة، لماذا تردون خبر الواحد؟ يقول لك: هل الواحد معصوم؟
لا.

يمكن أن يخطئ؟ نعم.

ما هو الدليل على أنه لم يخطئ في هذا الخبر؟

طالما أنه ليس بمعصوم، وأنه من الجائز أن يخطئ، فمن الممكن أن يخطئ في نقل صفة لله، فأنا لا أعبد الله بخبر من يمكن أن يدخل الخطأ في كلامه.

إذًا لكي نقبل هذا الكلام: لابد أن يرويه عدد يستحيل تواطؤهم على الكذب أو الخطأ، هو هذا كلامهم، قاعدة عملية، تأتي له بأي صفة، يأتي بهذه القاعدة ويقول لك: هذا مخالف للعقل، عقل من؟ لعقلك أنت، أم لعقل زيد، أم لعقل عمرو؟! إذًا عقلك أفضل مني، لماذا؟ اختلفنا إذًا، نريد عقلًا ثالثًا يحكم بيننا، لو جاء برجل أقول له: أعقله أفضل مني؟ أنا لا أرضاه، لو جئته أنا برجل يقول: أعقله أفضل مني؟ أنا لا أرضاه، إذًا لابد من عقل معصوم وليس إلا النبي عليه الصلاة والسلام، إذًا رجعنا مرة أخرى للنقل؛ لأن الحكم الفيصل بيني وبين هذا الذي اختلفت معه، لابد أن يكون واحدًا هو محل ثقة مني ومنه، وهذا لا يكون إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

الرسول عليه الصلاة والسلام لما أرسل معاذ بن جبل إلى اليمن قال: (إنك تأتي قومًا أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله) هذه عقيدة أم أحكام شرعية؟ هذه عقيدة، ومع ذلك أرسل معاذ بن جبل وحده، ثم أتبعه بـأبي موسى الأشعري فصارا اثنين، والاثنان ليس تواترًا لا عندهم ولا عندنا، التواتر: عدد يستحيل تواطؤهم على الكذب، بعضهم يقول: عشرة؛ لكن العدد اثنان باتفاقنا معهم ليس تواترًا.

الرسول عليه الصلاة والسلام أقام الدين كله في اليمن بـمعاذ وأبي موسى الأشعري ، واتفق المسلمون لا خلاف بينهم أن حاكم المسلمين لو أرسل رسوله إلى بلد ما، وعرض عليهم الإسلام فرفضوه، ورفضوا دفع الجزية أنه يغير عليهم، ولكانوا كفرة، وهذا واحد، لكن هؤلاء وضعوا هذا الأصل ليصدوا عن أنفسهم جيوش أدلة أهل السنة والجماعة، وصاروا يقيمون شبهًا عقلية تنطلي على من ليس من أهل العلم؛ لذلك حدث من الفساد ما لا يعلمه إلا الله، بل إنه حدث من الاختلاف شيء لا تصدقونه من هوله، عندما تقرءون كتب الفرق، هذا كله بسبب البدعة، فهي أخطر ما يكون؛ لذلك يجب علينا أن نهجر أهل البدع، مع مراعاة المصالح والمفاسد، يجب علينا أن نهينهم ولا نعظمهم، ولا نكبرهم ولا نثني عليهم، وقضية المصالح والمفاسد تحتاج إلى وقفة طويلة، لكن ليس هذا وقته؛ لأن بعض الناس ممكن يدخل من باب مراعاة المصالح والمفاسد ويهدم الحكم كاملًا.

الحل، نحن نشبه بالإسلام لفظًا، ونشبه تطبيق المسلمين عملًا، بمثلث حاد الزاوية، تصوروا معي هذا المثل هو النقطة، ثم بعد ذلك تشد هذين الضلعين إلى هذه النقطة، والنقطة التي وضعناها هي برأس القلم على رأس هذا المثلث، ذاك زمان النبي صلى الله عليه وسلم نقطة لا أبعاد فيها، فإن كان فيها أبعاد فهي قليلة صغيرة جدًا، بخلاف الذي كان موجودًا بابتعاث الرسول عليه الصلاة والسلام فهو خلاف سهل وسرعان ما ينتهي، ابدأ وانزل بالضلعين من عند النقطة تبدأ المسافة تتسع بين الضلعين، تحت رأس المثلث مباشرة، ولاحظ أن المسافة أيضًا لا زالت صغيرة، إنما تزداد المسافة بُعدًا كلما نزلت كثيرًا عن رأس المثلث.

إذًا كلما ابتعدت عن رأس المثلث، ازداد البعد بينك وبين هذا الدين، إذًا ما هو الحل؟ أن تصعد إلى رأس المثلث، فكلما صعدت إلى فوق قلَّ الفارق، لذلك نحن نؤكد على ضرورة الرجوع إلى القرون الثلاثة الأولى، خذوا منهم الفتوى في كل شيء: عقيدة، وحكمًا، حلالًا وحرامًا.

إن كثيرًا من المتأخرين الذين لم يذوقوا طعم الرجوع إلى هذه القرون الماضية بفتاواهم هذه، إنما يباعدون ما بين المسلمين وما بين النص الشرعي.

لذلك إذا أردت أن ترجع اصعد إلى فوق، وعليك بالعلو، لذلك أيها الإخوة! البدعة من أخطر ما يكون على هذا الدين، فهي معولُ هدمٍ، صاحب البدعة أولى بالهجر من صاحب المعصية، صاحب المعصية لعله يرجع، صاحب البدعة قل له: هذه بدعة، وتلطف في عرض الحق، فإذا ما ظهر لك أن هذا الرجل مستمر في غيه، لا يريد أن يرجع إلى الحق، حينئذٍ يجب عليك أن تهجره.

أيها الإخوة! الكلام طويل طويل! وبالذات في مسألة البدعة، وهذه رءوس أقلام، وأنا أنصح بمطالعة كتاب: الاعتصام للإمام الشاطبي ، وهذا الكتاب أولى أن يدرس في المساجد وأن يبسط؛ لأن عبارات الإمام الشاطبي أحيانًا تكون مغلقة، فهي عبارات قوية، هذا الكتاب يحتاج إلى تبسيط، وإلى حسن عرض على المسلمين؛ لأن المسلمين لو فقهوا كتاب: الاعتصام سيعرفون حد البدعة، بالذات البدعة الإضافية.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الحويني #الأسماء-والصفات
اقرأ أيضا
إن الحلال بين وإن الحرام بين | مرابط
اقتباسات وقطوف

إن الحلال بين وإن الحرام بين


قد يقع الاشتباه في الحلال والحرام بالنسبة إلى العلماء وغيرهم من وجه آخر وهو أن من الأشياء ما يعلم سبب حله وهو الملك المتيقن. ومنه ما يعلم سبب تحريمه وهو ثبوت ملك الغير عليه. فالأول لا تزول إباحته إلا بيقين زوال الملك عنه اللهم إلا في الأبضاع عند من يوقع الطلاق بالشك فيه كمالك أو إذا غلب على الظن وقوعه كإسحاق بن راهويه. والثاني: لا يزول تحريمه إلا بيقين العلم بانتقال الملك فيه.

بقلم: ابن رجب
359
حول حديث: كمل من الرجال كثير.. | مرابط
المرأة

حول حديث: كمل من الرجال كثير..


حديث: كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء: إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام. هل هذا يعني أن من أتى بعدهم لا يمكن أن يكون كاملا كمالا بشريا سواء الرجال أو النساء واقتصر الكمال على السابقين؟ إليكم الجواب.

بقلم: قاسم اكحيلات
306
أسلمة العلمانية | مرابط
مقالات العالمانية

أسلمة العلمانية


ظاهرة الأسلمة شملت حتى الفكرة العلمانية ذاتها فالفكر العلماني الذي نشأ منابذا للخيار الإسلامي تحديدا ما دار عليه الزمان حتى صار العلمانيون يقدمون أنفسهم مجتهدين في فهم النص الشرعي ومستمسكين بتفسير من تفسيراته ومعتمدين على أقوال المذاهب وفتاوى العلماء يعني هذا: أن جمال هذه الأسلمة يجب أن لا يخدع العين عن إبصار أشكال التحريف التي تأتي على الأحكام الشرعية في ثناياها بغض النظر عن الدوافع النبيلة التي قد تحركها

بقلم: د فهد بن صالح العجلان
2238
التسربات الفكرية | مرابط
فكر مقالات

التسربات الفكرية


لا تمر ساعة دون أن يدخل محمد إلى أحد المواقع الالكترونية ليناقش عددا من أصحاب الطوائف والتوجهات المختلفة في مسائل وقضايا كثيرة ثم بعد أشهر من الجدل والحوار المستمر يظهر محمد برؤى وأفكار منحرفة يظنها ضرورية وأساسية للدفاع عن أحكام الشريعة وتصحيح صورة الإسلام والسنة تكثر هذه الإشكالية في واقعنا المعاصر الذي يتسم بالانفتاح وسهولة التواصل فما هو أصلها وما حلها يوضح لنا الكاتب في هذا المقال

بقلم: فهد بن صالح العجلان
1804
صلاح القلوب بالشكر لله على نعمائه | مرابط
اقتباسات وقطوف

صلاح القلوب بالشكر لله على نعمائه


فإن صلاح القلوب بالشكر لله على نعمائه والصبر على بلائه وانتظار الفرج من الله إذا ألمت الملمات واللجوء إلى الله عند جميع المزعجات والمقلقات فأقل الأحوال عند هذا المؤمن أن تتقابل عنده المصائب والمحاب والأفراح والأتراح وقد تصل الحال بخواص المؤمنين إلى أن أفراحهم ومسراتهم عند المصيبات تزيد على ما يحصل فيها من الحزن والكدر الذي جبلت عليه النفوس

بقلم: عبد الرحمن بن ناصر السعدي
319
دلالة آيات العتاب على مصدرية القرآن | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

دلالة آيات العتاب على مصدرية القرآن


آيات العتاب الواردة في القرآن الكريم وتحليلها يثبت بشكل قاطع أن القرآن الكريم ليس من عند محمد صلى الله عليه وسلم كما ادعى أولياء الشيطان وإنما هو وحي من عند الله وفي هذا المقال المقتطف للأستاذ محمد عبد الله دراز تحليل وتفصيل لآيات العتاب ودلالتها على مصدرية القرآن

بقلم: محمد عبد الله دراز
2360