منهج السلف في إثبات أسماء الله وصفاته ج2

منهج السلف في إثبات أسماء الله وصفاته ج2 | مرابط

الكاتب: أبو إسحق الحويني

890 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

 

 

الرد على شبهة المعتزلة والأشاعرة في أن خبر الواحد لا يحتج به في العقيدة

ما قالوا كما قالت المبتدعة من المعتزلة والأشاعرة وأشباههم: إن خبر الواحد لا يحتج به في العقيدة.. هذا أصل من أصول المبتدعة التي ردوا بها دلالات النصوص الواضحة، لماذا تردون خبر الواحد؟ يقول لك: هل الواحد معصوم؟
لا.

يمكن أن يخطئ؟ نعم.

ما هو الدليل على أنه لم يخطئ في هذا الخبر؟

طالما أنه ليس بمعصوم، وأنه من الجائز أن يخطئ، فمن الممكن أن يخطئ في نقل صفة لله، فأنا لا أعبد الله بخبر من يمكن أن يدخل الخطأ في كلامه.

إذًا لكي نقبل هذا الكلام: لابد أن يرويه عدد يستحيل تواطؤهم على الكذب أو الخطأ، هو هذا كلامهم، قاعدة عملية، تأتي له بأي صفة، يأتي بهذه القاعدة ويقول لك: هذا مخالف للعقل، عقل من؟ لعقلك أنت، أم لعقل زيد، أم لعقل عمرو؟! إذًا عقلك أفضل مني، لماذا؟ اختلفنا إذًا، نريد عقلًا ثالثًا يحكم بيننا، لو جاء برجل أقول له: أعقله أفضل مني؟ أنا لا أرضاه، لو جئته أنا برجل يقول: أعقله أفضل مني؟ أنا لا أرضاه، إذًا لابد من عقل معصوم وليس إلا النبي عليه الصلاة والسلام، إذًا رجعنا مرة أخرى للنقل؛ لأن الحكم الفيصل بيني وبين هذا الذي اختلفت معه، لابد أن يكون واحدًا هو محل ثقة مني ومنه، وهذا لا يكون إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

الرسول عليه الصلاة والسلام لما أرسل معاذ بن جبل إلى اليمن قال: (إنك تأتي قومًا أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله) هذه عقيدة أم أحكام شرعية؟ هذه عقيدة، ومع ذلك أرسل معاذ بن جبل وحده، ثم أتبعه بـأبي موسى الأشعري فصارا اثنين، والاثنان ليس تواترًا لا عندهم ولا عندنا، التواتر: عدد يستحيل تواطؤهم على الكذب، بعضهم يقول: عشرة؛ لكن العدد اثنان باتفاقنا معهم ليس تواترًا.

الرسول عليه الصلاة والسلام أقام الدين كله في اليمن بـمعاذ وأبي موسى الأشعري ، واتفق المسلمون لا خلاف بينهم أن حاكم المسلمين لو أرسل رسوله إلى بلد ما، وعرض عليهم الإسلام فرفضوه، ورفضوا دفع الجزية أنه يغير عليهم، ولكانوا كفرة، وهذا واحد، لكن هؤلاء وضعوا هذا الأصل ليصدوا عن أنفسهم جيوش أدلة أهل السنة والجماعة، وصاروا يقيمون شبهًا عقلية تنطلي على من ليس من أهل العلم؛ لذلك حدث من الفساد ما لا يعلمه إلا الله، بل إنه حدث من الاختلاف شيء لا تصدقونه من هوله، عندما تقرءون كتب الفرق، هذا كله بسبب البدعة، فهي أخطر ما يكون؛ لذلك يجب علينا أن نهجر أهل البدع، مع مراعاة المصالح والمفاسد، يجب علينا أن نهينهم ولا نعظمهم، ولا نكبرهم ولا نثني عليهم، وقضية المصالح والمفاسد تحتاج إلى وقفة طويلة، لكن ليس هذا وقته؛ لأن بعض الناس ممكن يدخل من باب مراعاة المصالح والمفاسد ويهدم الحكم كاملًا.

الحل، نحن نشبه بالإسلام لفظًا، ونشبه تطبيق المسلمين عملًا، بمثلث حاد الزاوية، تصوروا معي هذا المثل هو النقطة، ثم بعد ذلك تشد هذين الضلعين إلى هذه النقطة، والنقطة التي وضعناها هي برأس القلم على رأس هذا المثلث، ذاك زمان النبي صلى الله عليه وسلم نقطة لا أبعاد فيها، فإن كان فيها أبعاد فهي قليلة صغيرة جدًا، بخلاف الذي كان موجودًا بابتعاث الرسول عليه الصلاة والسلام فهو خلاف سهل وسرعان ما ينتهي، ابدأ وانزل بالضلعين من عند النقطة تبدأ المسافة تتسع بين الضلعين، تحت رأس المثلث مباشرة، ولاحظ أن المسافة أيضًا لا زالت صغيرة، إنما تزداد المسافة بُعدًا كلما نزلت كثيرًا عن رأس المثلث.

إذًا كلما ابتعدت عن رأس المثلث، ازداد البعد بينك وبين هذا الدين، إذًا ما هو الحل؟ أن تصعد إلى رأس المثلث، فكلما صعدت إلى فوق قلَّ الفارق، لذلك نحن نؤكد على ضرورة الرجوع إلى القرون الثلاثة الأولى، خذوا منهم الفتوى في كل شيء: عقيدة، وحكمًا، حلالًا وحرامًا.

إن كثيرًا من المتأخرين الذين لم يذوقوا طعم الرجوع إلى هذه القرون الماضية بفتاواهم هذه، إنما يباعدون ما بين المسلمين وما بين النص الشرعي.

لذلك إذا أردت أن ترجع اصعد إلى فوق، وعليك بالعلو، لذلك أيها الإخوة! البدعة من أخطر ما يكون على هذا الدين، فهي معولُ هدمٍ، صاحب البدعة أولى بالهجر من صاحب المعصية، صاحب المعصية لعله يرجع، صاحب البدعة قل له: هذه بدعة، وتلطف في عرض الحق، فإذا ما ظهر لك أن هذا الرجل مستمر في غيه، لا يريد أن يرجع إلى الحق، حينئذٍ يجب عليك أن تهجره.

أيها الإخوة! الكلام طويل طويل! وبالذات في مسألة البدعة، وهذه رءوس أقلام، وأنا أنصح بمطالعة كتاب: الاعتصام للإمام الشاطبي ، وهذا الكتاب أولى أن يدرس في المساجد وأن يبسط؛ لأن عبارات الإمام الشاطبي أحيانًا تكون مغلقة، فهي عبارات قوية، هذا الكتاب يحتاج إلى تبسيط، وإلى حسن عرض على المسلمين؛ لأن المسلمين لو فقهوا كتاب: الاعتصام سيعرفون حد البدعة، بالذات البدعة الإضافية.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الحويني #الأسماء-والصفات
اقرأ أيضا
تحمل مسؤولية التكليف | مرابط
مقالات

تحمل مسؤولية التكليف


عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع على أهله وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية على بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته.

بقلم: أحمد يوسف السيد
248
أكثر منافقي أمتي قراؤها | مرابط
مقالات

أكثر منافقي أمتي قراؤها


وفي زماننا نرى كثيرا من القراء يظهرون مع الفسقة والمغينن وينشرون مقاطعهم السفيهة وكثير من النساء القارئات يخرجن على الرجال يقرأن عليهم القرآن! وهذا خلل كبير يوافق الحديث فالعبرة ليست بكثرة الحفظة بل بحفظ حدوده كما قال ابن عبد البر: وفيه دليل أن تضييع حروف القرآن ليس به بأس لأنه قد مدح الزمان الذي تضيع فيه حروفه وذم الزمان الذي يحفظ فيه حروف القرآن وتضيع حدوده

بقلم: قاسم اكحيلات
598
الإنكار على تصحيح الأخطاء اللغوية | مرابط
لسانيات

الإنكار على تصحيح الأخطاء اللغوية


كتبت أمس مقالا صغيرا في تصحيح خطأ لغوي شائع فوجدت تعليقين من شخصين مختلفين يدوران على معنى واحد: اترك الناس يتكلمون كما يشاؤون ولا تتكلف التصحيح لأخطائهم ... وقد وقفت من هذين التعليقين موقف المتعجب المتأمل .. فقد ألفت أن أسمع مثل هذا الإنكار في مواجهة حكم بتبديع أو تفسيق - وإن كان حكما صحيحا - لكن أن يصل الإنكار إلى التصحيح اللغوي فهذا تمدد سرطاني علينا السعي في معالجته.

بقلم: البشير عصام المراكشي
468
مناظرة الباقلاني مع ملك الروم ج1 | مرابط
مناظرات

مناظرة الباقلاني مع ملك الروم ج1


اشتهر أبو بكر الباقلاني بمفصاحته وقدرته على المناظرة والبيان والذب عن الإسلام وقد ناظر في عهده الكثير من النصارى أشهر هذه المناظرات كانت لما أرسله عضد الدولة إلى ملك الروم الأعظم ليظهر له رفعة الإسلام ويناظره في معتقده وبالفعل جرت المناظرة بينهما واستعان ملك الروم بكثير من علماء النصارى حتى يقدروا عليه وكان المناظرة سبب في إسلام الكثير من النصارى وأظهر الباقلاني فصاحة عالية ورؤية ثاقبة وقدرة مبهرة على الرد والبيان

بقلم: القاضي عياض
2535
من حياة عمر بن عبد العزيز ج1 | مرابط
تفريغات

من حياة عمر بن عبد العزيز ج1


ملأ الأرض عدلا بعد أن كادت تملأ جورا إيه يا عمر قد عشت عمرك زاهدا في كل ما جمع البشر أتعبت من سيجيء بعدك في الخلافة يا عمر بعد كل صلاة ينادي مناديه: أين الفقراء أين المحتاجون فيقدم لهم الطعام والأموال فلا والله ما تنساه البطون الجائعة ولا الأكباد الظمأى ما دام في الأرض بطن جائعة أو كبد ظمأى

بقلم: خالد الراشد
536
حقوق الأبناء على الآباء والأمهات | مرابط
تفريغات

حقوق الأبناء على الآباء والأمهات


فإذا اختارت الأم بعلها واختار الزوج زوجته فإن الله سائلهما فأول حقوق الولد عليك -أيها الأب-: أن تحسن الاختيار لأمه فكم من أم نشأت وربت وأصلحت لما أحسن البعل اختيارها وكم من أم أفسدت وأشقت وأضلت حينما أساء الزوج اختيارها فالله الله في اختيار الأزواج والزوجات إن اختيار الآباء والأمهات مسئولية عظيمة على الأزواج والزوجات فليتق العبد بارئه وليعلم أنه ملاقيه وسائله عن اختياره لزوجه وولده

بقلم: محمد مختار الشنقيطي
2244