إلام يدعو الرسول صلى الله عليه وسلم جميع الناس

إلام يدعو الرسول صلى الله عليه وسلم جميع الناس | مرابط

الكاتب: محمد الغزالي

1445 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

شرع محمّد صلى الله عليه وسلم يكلّم الناس في الإسلام، ويعرض عليهم الأخذ بهذا الدين الذي أرسله الله به، وسور القران الذي نزل بمكة تبيّن العقائد والأعمال التي كلّف الله بها عباده، وأوصى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتعهّد قيامها ونماءها، وأول ذلك:

1- الواحدانية المطلقة:

فالإنسان ليس عبدا لكائن في الأرض، أو عنصر في السماء، لأنّ كل شيء في السماء والأرض عبد الله، يعنو لجلاله، ويذلّ في ساحته، ويخضع لحكمه، وليس هناك شركاء ولا شفعاء ولا وسطاء، ومن حقّ كلّ امرئ أن يهرع إلى ربّه رأسا، غير مستصحب معه خلقا اخر، كبر أو حقر، وحقّ على كلّ امرئ أن ينكر من أقاموا أنفسهم، أو أقامهم غيرهم زلفى إلى الله، وأن ينزل بهم إلى مكانهم المحدود؛ إن كانوا بشرا، أو حجارة، أو ما سوى ذلك، ويجب أن تبنى جميع الصلات الفردية والجماعية على أساس تفرّد الله في ملكوته بهذه الواحدانية التامة.

ونتيجة هذه العقيدة أن الحجارة التي يعبدها العرب، أصبحت لا تزيد عن الحجارة التي تبنى بها البيوت، أو ترصف بها الطّرق، وأنّ البشر الذين ألّهوا في ديانات أخرى صحّحت أوضاعهم، فعرفوا على أنهم عبيد لمن خلقهم ورزقهم، يتقدّمون عنده بالطاعة، ويتأخّرون بالمعصية، ولا شأن لهم في خلق أو رزق.

2- الدار الاخرة:

فهناك يوم لا شكّ في قدومه، يلقى الناس فيه ربّهم، فيحاسبهم حسابا دقيقا على حياتهم الأولى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) [الزلزلة] ؛ فإمّا نعيم ضاحك، يمرح فيه الأخيار ويستريحون، وإما جحيم مشؤومة، يشقى فيها الأشرار ويكتئبون...

والنظر إلى الدّار الاخرة في كلّ عمل يأتيه المرء أو يذره من أصول السلوك الصحيح في الإسلام، فكما أنّ راكب القطار موقن بأنه سينزل في محطّ قادم، فكذلك المسلم يعلم أن الأيام الجارية به ستقف- حتما- لترده إلى مولاه، حيث يلقى جزاء العمر، ويجني ما غرست يداه..

3- تزكية النفس:

وذلك بلزوم عبادات معينة شرعها الله عز وجلّ، وترك أمور أخرى حذرا من مغبّتها:

قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) [الأنعام].

قال أكثم بن صيفيّ: «إن ما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام لو لم يكن دينا لكان في خلق الناس حسنا».

4- حفظ كيان الجماعة المسلمة:

باعتبارها واحدة متماسكة تقوم على الأخوة والتعاون، وذلك يقتضي نصرة المظلوم، وإعطاء المحروم، وتقوية الضعيف. وفي سورة (المدثر) - وهي أول سورة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فيها بالبلاغ- تقرأ قول الله تبارك وتعالى:

كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ (47) فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) [المدثر].

وكان أبو بكر لا يرى مستضعفا يعذّب من المسلمين، إلا بذل جهده وماله في سبيل فكّ إساره، وإنقاذه ممّا به، وذلك حقّ الفرد على الجماعة.

 


 

المصدر:

محمد الغزالي، فقه السيرة، ص100

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#فقه-السنة #الدعوة
اقرأ أيضا
البناء الأسري: بين الإسلام والعلمانية | مرابط
فكر

البناء الأسري: بين الإسلام والعلمانية


من أهم التحولات التي أتى بها الإسلام في بنية الأسرة أنه جعلها قائمة على أساس تراحمي.. لأن الشريعة نظرت للأسرة بوصفها أهم نظام اجتماعي يضمن فاعلية الأمة وعزتها ولازم هذا الأمر جعلت المعاني المعنوية تقوى ومودة وعشرة ورحمة.. أساس تماسك الزواج بدلا من أولى من النسب والمال ونحوهما.

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
468
الشعر الجاهلي واللغة ج1 | مرابط
مناقشات

الشعر الجاهلي واللغة ج1


تعتبر مقالات محمد الخضر حسين من أهم ما قدم في الرد على كتاب طه حسين في الشعر الجاهلي وهذه المقالات تفند جميع مزاعمه وترد عليها وتبين الأخطاء والمغالطات التي انطوت عليها نظريته التي قدمها فيما يخص الشعر الجاهلي وكيف أن هذه الأخطاء تفضي إلى ما بعدها من فساد وتخريب وبين يديكم مقال يقف بنا على زعم طه حسين بأنه لا يسلم بصحة هذه الكثرة المطلقة من الشعر الجاهلي وأن هذا الشعر لا يمثل اللغة العربية ولا يعبر عنها بحال

بقلم: محمد الخضر حسين
834
رؤية السلف لصفات الله عز وجل | مرابط
اقتباسات وقطوف

رؤية السلف لصفات الله عز وجل


ومن أهم المعاني التي كان يستحضرها السلف عند تصور صفات الله استحضار التعظيم الإلهي بمعنى أنهم يتذكرون دائما وجوب تعظيم الله وإجلاله سبحانه وهذا المعنى أثر في طريقة بحثهم وفي طريقة تعبيرهم عن مقام الله وأسمائه وصفاته

بقلم: سلطان العميري
893
يا حبذا نوم الأكياس | مرابط
اقتباسات وقطوف

يا حبذا نوم الأكياس


فاعلم أن العبد إنما يقطع منازل السير إلى الله بقلبه وهمته ولا ببدنه والتقوى في الحقيقة تقوى القلوب لا تقوى الجوارح قال تعالى ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب وقال لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم وقال النبي التقوى ههنا وأشار إلى صدره

بقلم: ابن القيم
539
قصص وعبر للنساء ج3 | مرابط
تفريغات المرأة

قصص وعبر للنساء ج3


تفريغ لمحاضرة تأتي ضمن سلسلة من الرسائل النسائية يبدأها الدكتور نبيل العوضي بالرسالة الأولى بعنوان: قصص وعبر وكل قصة من هذه القصص تحمل عبرة فإن من النساء بل من الناس عموما من تمر عليه القصص فلا يعتبر والسعيد من اتعظ بغيره نبدأ هذه القصص لا للتسلية ولا لقضاء الأوقات ولا للطرف ولا للهزل إنما نقص هذه القصص للعبرة

بقلم: د نبيل العوضي
449
قصة الحروب الصليبية الجزء الأول | مرابط
تاريخ

قصة الحروب الصليبية الجزء الأول


الحروب الصليبية هي سلسلة الحروب التي شنها المسيحيون الأوربيون على الشرق الأوسط للاستيلاء على بيت المقدس ومنذ أن انتصرت القوات الإسلامية على القوات البيزنطية في معركتي اليرموك وأجنادين في عام 13 هجريا منذ ذلك الوقت والإسلام يهاجم الصليبيين ويفتح أراضيهم وظل الصليبيون يترقبون الفرصة والزمن المناسب للأخذ بالثأر ورد الفعل وهكذا كانت أحسن الفرص للانتهاز في القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي والمقال الذي بين يدينا يقف بنا على أهم مراحل الحروب الصليبية وأبرز أحداثها ونتائجها

بقلم: موقع قصة الإسلام
1702