الإخلال بوقت الأذان

الإخلال بوقت الأذان | مرابط

الكاتب: سلمان العودة

278 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

الخطأ الثالث في الأذان: الذي يقع فيه بعض الناس هو ما يتعلق بوقت الأذان، فإن الأذان في غالبه إعلام بدخول وقت الصلاة ودعاء ونداء إلى فريضة الله، لا يخرج عن ذلك إلا الأذان الأول في الفجر الذي يكون قبل الوقت كما سبق مرارًا، فإنه أذان لإيقاظ النائم، وتنبيه القائم الذي يصلي، حتى يخفف من صلاته لُيدرك السحور قبل طلوع الفجر في رمضان وما أشبه ذلك من المقاصد، وكذلك الأذان الأول يوم الجمعة الذي فعله عثمان رضي الله عنه على مشهد ومرأى ومسمع من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فأقروه كافتهم وعامتهم على ذلك، وصار شريعةً باقيهً في هذه الأمة، فإنه يكون قبل وقت الجمعة على المشهور في تحديد وقتها، أما فيما عدا ذلك فإن الأذان هو إعلام بدخول الوقت، والناس يعرفون أنه كذلك، فيلتزمون به في إقامة الصلاة وأدائها، وفي الإمساك في رمضان في أذان الفجر، وكذلك في الإفطار في رمضان في أذان المغرب، وما أشبه ذلك من الأمور المبنية على معرفة دخول الوقت وهي أمور كثيرة جدًا لعلة عرف بعضها أو كثير منها في باب المواقيت الذي سبق وأن شرحته.

 

فإن المواقيت يترتب على دخولها أشياء كثيرة جدًا لا تكاد تحصر بيسر، سواء في موضوع الطهارات، أو في موضوع أصحاب الأعذار، أو في غيرها من الأحكام، فالأذان هو في عمومه إعلام بدخول الوقت، وقد أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح، فقال: {أن الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن} فالمؤذن مؤتمن على الوقت ويجب عليه أن يراقب الله تعالى في تحديد الوقت، فلا يؤذن قبل الوقت ولا يتأخر عن الوقت في المساجد العامة.

 

فمن الناس من يؤذن قبل الوقت وخاصة في رمضان، يؤذن بعضهم أذان الفجر الثاني قبل الوقت، فإذا قلت له: لماذا؟ قال لك: أذان على سبيل الاحتياط، حتى يُمسِك الناس عن الأكل والسحور، وهذا الاحتياط غلط، بل لا مجال للاحتياط في هذا الباب.

 

مفاسد الإخلال بوقت أذان الفجر بدعوى الاحتياط:
هذا من الأنواع والأبواب التي ليس هناك مجال فيها للاحتياط، بل يترتب على أذانه قبل الوقت مفاسد عديدة وعظيمة منها:
أولًا: أن هناك نساء في دورهن وأناسًا في أماكن بعيدة إذا سمعوا أذان الفجر أقاموا الصلاة وصلوا، ظنوا أن الوقت قد دخل، فيكون هذا الذي احتاط بزعمه للصيام، قد فرّط في أمر أعظم، وهو أمر الصلاة، وباء بإثم أولئك القوم من الرجال والنساء الذين صلوا قبل الوقت اغترارًا بأذانه، فهذا ضرر.

 

الضرر الثاني: أن كثيرًا من الناس إذا سمعوا الأذان أمسكوا عن السحور، ومن المعلوم أن من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام تأخير السحور، كما ورد في الصحيحين من حديث جماعة من الصحابة: {ما تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور} فتأخير السحور مشروع ومستحب وسنة، فيترتب على تعجيل بعضهم بالأذان - أذان الفجر الثاني- أن يمتنع الناس من السحور ويتوقفوا قبل خروج الوقت، فيفرط بسنة.

 

الضرر الثالث: من الناس من لا يستيقظ إلا متأخرًا، فإذا سمع الأذان لم يتسحر، وربما صام طاويًا في ذلك اليوم، ولا شك أن الذي تسبب له في ذلك يتحمل الوزر، فالتبكير بالأذان هذه بعض مضاره.

 

مفاسد تأخير الأذان واختلاف المؤذنين:
وآخرون يؤخرون الأذان عن الوقت، وقد يؤخرونه تأخيرًا ظاهرًا يترتب عليه تفريط الناس في الصلاة، وتأخرهم عن المجيء إلى المساجد، وكثيرًا ما نكون نحن قد أحرمنا بالصلاة -مثلًا- دخلنا في الصلاة أي صلاة- فبعدما ينتصف الأمام في الصلاة وأحيانًا بعد السلام تسمع مؤذنًا يؤذن للصلاة، وهذا أيضًا فيه ضرر عظيم؛ لأن كون الناس في البلد الواحد يصلون في وقت واحد، أو في وقت متقارب فيه مصالح كثيرة من أهمها: مصلحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن تفاوت المساجد يجعلك لا تستطيع أن تأمر أحدًا أو تنهاه، فإذا قلت له قال: صليت في المسجد الفلاني!

 


 

المصدر:

محاضرة سلوكيات خاطئة في الأذان

بل إن هذا يحدث فقد أتيت يومًا من الأيام على جماعة، قد فتحوا دكاكينهم يبيعون فسألتهم، فقالوا: إننا قد صلينا في المسجد وأشاروا إلى مسجد، فذهبت فوجدت الناس قد صلوا فعلًا، وذهبت إلى مسجد آخر، فإذا به لم يقم الصلاة بعد، فَكَون وقت الأذان ووقت الصلاة في البلد الواحد يكون متقاربًا في الجملة فيه مصالح عظيمة، ومن أهمها: مصلحة انضباط موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفيه مصالح أخرى كثيرة، هذا وللحديث بقية والله تبارك أعلى وأعلم وصلى الله على عبده ورسوله، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، سبحانك اللهم وبحمدك ونشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الأذان
اقرأ أيضا
الرد على من قال بمساواة المرأة بالرجل | مرابط
اقتباسات وقطوف المرأة

الرد على من قال بمساواة المرأة بالرجل


من الدعوات الهدامة التي انتشرت في بلادنا الإسلامية: دعوة المساواة بين الرجل والمرأة في كل شيء وكان ذلك نتاج تصاعد الموجة الليبرالية والنسوية والتي وصلت إلى بلادنا وتغلغلت في نفوس المسلمين وفي هذا المقتطف من كتاب حكم الجاهلية يرد الشيخ أحمد شاكر على هذه الدعوة

بقلم: أحمد شاكر
936
هجر القرآن | مرابط
اقتباسات وقطوف

هجر القرآن


إن هجر القرآن لا يكون دائما هو هجر القراءة فهناك أنواع كثيرة لهجر القرآن وقد يكون المسلم قارئا للقرآن آناء الليل وأطراف النهار وهو مع ذلك هاجر له وفي هذا الاقتباس البديع من كتاب الفوائد لابن قيم الجوزية يعرض لنا مفهوم هجر القرآن وأنواع الهاجرين للقرآن الكريم

بقلم: ابن القيم
967
الروح في اليقين والهم في الشك | مرابط
مقالات

الروح في اليقين والهم في الشك


الزهد في الدنيا هو طريق راحة قلبك من الهم فإنها هم دائم ما دامت. والزهد فيها يرجع إلى ثلاثة أصول كلها قلبي المنشأ ليس فيها ما هو جارحي! وكلها ينشأ من عبادة اليقين بالله وحده وهي قلبية.

بقلم: خالد بهاء الدين
267
استحضار عظمة القرآن الكريم | مرابط
تعزيز اليقين تفريغات

استحضار عظمة القرآن الكريم


لك أن تتصور أن الذي خلقك وصورك وأنطقك وجعلك قابلا للتفكير والتأمل وجعل لديك هذه القدرة العقلية والقدرة على المقارنة والتحليل والنظر إلخ الذي أودع فيك هذه البصمة التي تختلف عن بصمة أخيك وأمك وأبيك وابنك وزوجتك إلخ والذي جعل فيك هذا المستودع من الخلايا والجينات والأعصاب واللحم والعظام والمفاصل إلخ هذا الذي أبدع هذا النظام كله والنظام الكوني: هو الذي أنزل هذا القرآن الكريم

بقلم: أحمد يوسف السيد
342
مرآة الحياة الجاهلية يجب أن تلتمس في القرآن ج1 | مرابط
مناقشات

مرآة الحياة الجاهلية يجب أن تلتمس في القرآن ج1


تعتبر مقالات محمد الخضر حسين من أهم ما قدم في الرد على كتاب طه حسين في الشعر الجاهلي وهذه المقالات تفند جميع مزاعمه وترد عليها وتبين الخطأ أو ربما الأخطاء والمغالطات التي انطوت عليها نظريته التي قدمها فيما يخص الشعر الجاهلي وكيف أن هذه الأخطاء تفضي إلى ما بعدها وبين يديكم أحد أهم مقالاته في الرد على كتاب طه حسين حول موضوع الحياة الجاهلية وهل نلتمس ملامحها من القرآن أم من الشعر

بقلم: محمد الخضر حسين
541
من الغافل؟ | مرابط
تفريغات

من الغافل؟


وكل يوم تطلع فيه الشمس عليك صدقة -كما قال النبي صلى الله عليه وسلم- وكل يوم محسوب عليك وأقرب مثال نراه نحن -الآن- في حياتنا هو هذا التقويم الذي يعلق في البيوت وفي المساجد إذا أخذت كل يوم منه ورقة تفاجأ وإذا به قد انتهى وهكذا العمر كل يوم تأخذ منه ورقة وإذا بالعمر فجأة ينتهي فهذا فيه عبرة لمن اعتبر.

بقلم: سفر الحوالي
314