العربي اليوم

العربي اليوم | مرابط

الكاتب: محمود شاكر

556 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

العربيُّ اليوم هو أعظم الناس حملًا للتكليف؛ لأنَّه يحمل وزرَ ما هو فيه من ضعْف، ينبغي أن ينفض عن نفسه آصاره، ويحمل حقَّ أجيال مقبلة، تُوجب عليه أن يعملَ ويُمهِّد لها في هذه الأرض، ويحمل أيضًا أمانةَ آباء وأجداد وأسلاف، مهَّدوا له هذه الدنيا التي يسكُنُها من أطراف الهِند إلى أقْصى مراكش، ومِن حدود تركيا إلى أقْصى السُّودان، هذا، وهو يعيش في عالَم عدوٍّ له، قد قبض على زِمام الكون، واستوْلى على عناصر القوَّة، ونال أسبابَ السَّماء، وأطاعتْه نواحي الأرض، فأيُّ تكليف أشقُّ من التكليف الذي يحمله هذا النبيل المسكين، الذي يعيش في الدنيا مشرَّدًا، مضطهدًا مجهولًا، مهضومَ الحق يوميًّا بملفقات العيوب؟

وأوَّلُ ما يجب على هذا العربي منذُ اليوم أن يضعَ بيْن يديه صورةَ أرْضه التي توارثها عن آبائه بالحقِّ الذي لا يُنازعه فيه منازعٌ إلا مستطيلًا أو متهجِّمًا، أرض تبلغ مساحتُها مساحةَ قارَّتَيْن من قارات الدنيا، ثم يقول لنفسه: هل يستطيع أحدٌ أن يُبيدني ويُبيد أهلي وعشيرتي، ويستأثر بهذه الأرْض يفلحها أو يعمرها، أو يُقيم فيها للإنسانية حضارةً أو دولةً؟ وهل يستطيع أحدٌ أن يَقْسِرني قسرًا على ما لا أُريد أن أفعلَه ممَّا يحبُّ هو أن يتمَّ له؟

 


 

المصدر:

جمهرة مقالات الأستاذ محمود محمد شاكر)، مكتبة الخانجي بالقاهرة، ط1، 2003م، (1/410)

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#محمود-شاكر
اقرأ أيضا
سلطة التليفزيون | مرابط
اقتباسات وقطوف ثقافة

سلطة التليفزيون


إن الأطفال اليوم فظون في تعاملهم مع بعضهم البعض إذا كانوا لا يعرفون معنى الرحمة إذا ما كانوا يستهزئون بالضعفاء ويحتقرون من في حاجة للمساعدة فهل هذا يعود إلى ما يشاهدونه في التليفزيون في الحقيقة يحتل الفقراء والمساكين الشاشة الصغيرة بشكل نادر وعندما يظهرون على الشاشة فهم يقدمون في الغالب الأعم بشكل مثير للسخرية ففي التليفزيون مفتاح السعادة هو الثروة إذ نقدر الأغنياء الذين يعيشون في بيوت فخمة ويتنزهون في السيارات الليموزين اللامعة

بقلم: جون كوندري
389
من ذكريات الحج | مرابط
مقالات

من ذكريات الحج


ألا ترون العروق الشعرية كيف تحمل الدم من أطراف الجسم ثم تصبه في الأوردة الكبار حتى يدور دورته في القلب مجتمعا وفي الرئة منتشرا فيصفو بعد العكر وينقى من الوضر ويعود في الشرايين دما أحمر جديدا بعد أن كان في الأوردة دما أسود فاسدا كذلك الحج يأتي المسلمون من آفاق الأرض الأربعة أفرادا ثم ينتظمون جماعات ثم يدورون حول الكعبة قلب الأرض المسلمة ثم ينتشرون في عرفات رئة الجسم الإسلامي فتصفي نفوسهم من أكدار الشهوات وتنقى أوضار الذنوب ويعودون إلى بلادهم أطهارا قد استبدلوا بتلك النفوس نفوسا جديدة كأنها م...

بقلم: علي الطنطاوي
691
الفتح الإسلامي | مرابط
تاريخ فكر مقالات

الفتح الإسلامي


الفتح الإسلامي أكبر لغز من ألغاز العبقرية وأروع أحجية من أحاجي النبوغ وأجل مظهر من مظاهر العظمة في تاريخ البشر ولقد مرت عليه إلى اليوم قرون طويلة وأعصار مديدة ارتقى فيها فن الحرب وتقدم فيها البشر أشواطا في كل ميدان من ميادين الحضارة وغاص المؤرخون في أعماق الحوادث التاريخية فكشفوا أسرارها وعرفوا أسبابها فبدت لهم هينة ضئيلة بعد أن كانوا يرونها لغزا لا يحل ولكنهم لم يستطيعوا أن يكشفوا سر الفتوحات الإسلامية ولم يدركوا كنهها وستمر قرون أخرى وأعصار قبل أن يكشف ذلك السر وقبل أن يرى تاريخ البشر حاد...

بقلم: علي الطنطاوي
1172
لا يأمن البلاء من يأمن البلاء | مرابط
أباطيل وشبهات

لا يأمن البلاء من يأمن البلاء


هذا رسولنا صلى الله عليه وسلم يلح في الدعاء بأن يثبت الله قلبه على الدين وأن يعيذه من فتنة المحيا والممات ومن فتنة الدجال. وهذا إبراهيم الخليل عليه السلام يدعو الله بأن بجنبه عبادة الأصنام وهو المعصوم! فمن هذا الذي يأمن على نفسه فيلج إلى مواطن الفتن غير آبه؟ ومن تلك التي تحسب نفسها من الملائكة فتلج إلى مواضع الشبهات غير عابئة بأي شيء؟

بقلم: محمود خطاب
404
الوسائل المعينة على القراءة النافعة ج1 | مرابط
تفريغات

الوسائل المعينة على القراءة النافعة ج1


أمة الإسلام مكلفة بالقراءة فهي مخاطبة في أول سورة أنزلت على نبيها محمد صلى الله عليه وسلم بأن تقرأ فهي ضرورية وليست هواية وللقراءة الصحيحة النافعة ضوابط ووسائل ومجالات لا بد للمسلم من معرفتها حتى تكون قراءته نافعة وبين تفريغ لجزء من محاضرة الدكتور راغب السرجاني ويدور حول الوسائل المعينة على القراءة النافعة

بقلم: راغب السرجاني
1726
إن الحلال بين وإن الحرام بين | مرابط
اقتباسات وقطوف

إن الحلال بين وإن الحرام بين


قد يقع الاشتباه في الحلال والحرام بالنسبة إلى العلماء وغيرهم من وجه آخر وهو أن من الأشياء ما يعلم سبب حله وهو الملك المتيقن. ومنه ما يعلم سبب تحريمه وهو ثبوت ملك الغير عليه. فالأول لا تزول إباحته إلا بيقين زوال الملك عنه اللهم إلا في الأبضاع عند من يوقع الطلاق بالشك فيه كمالك أو إذا غلب على الظن وقوعه كإسحاق بن راهويه. والثاني: لا يزول تحريمه إلا بيقين العلم بانتقال الملك فيه.

بقلم: ابن رجب
367