تسمع بين الفينة والأخرى صوت الهمز واللمز يزداد ويعلو حول هدي الإسلام وشعائره: كيف تتحملين النقاب في الحر الشديد؟ ازاي تستحملوا الكتمة دي؟ هل أنت عبدة لزوجك؟ ما لك تشبهين الخيمة السوداء في الطرقات؟ كيف تتحمل مظهرك بهذه اللحية؟ ألا ترى مظهرك مضحكًا بهذا السروال القصير؟ يا أمة ضحكت من جهلها الأمم هل الدين يهتم بهذه المظاهر؟ لماذا أصوم الإثنين والخميس؛ إنه ليس فرضًا عليّ فلماذا أفعله؟
طبعًا كل هذه المظاهر مثيرة للعجب والاستغراب والرفض لأنها ببساطة جاءت من بوابة الدين، والنفوس قد تشعر بالحرج في الالتزام بهذه الأمور لو كانت مخالفة قليلًا للموضة أو لما هو رائح في العصر.
سبحان الله.. قال ربنا “أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ”
يقول ابن كثير رحمه الله “إنما يأتمر بهواه، فمهما رآه حسنا فعله، ومهما رآه قبيحا تركه”.
قلت: هذه نفوس تأتي الأمر لو كان رائجًا من باب الموضة فتجدهم يقعون في نفس المظاهر التي انتقدوا الآخرين عليها، ويأتون ببعض الأفعال أكثر مشقة مما ظنوه شاقًا على الآخرين، ولكن لا يأتونه من بوابة الدين وإنما من بوابة الهوى إنه الهوى الذي يحتكم في كل شيء.
ونأتي هنا إلى بعض هذه المظاهر:
- لا إشكال أن تجلس المرأة ساعتين أو ثلاث ساعات أمام المرآة لإنهاء أعمال التشطيب والنقاشة في وجهها وتتحمل ذلك.. ولكن: ازاي تتحملي أنتِ النقاب؟
- لا إشكال عندما ترتدي المرأة الـ high heels لساعات طويل حتى تبدو أنيقة وفقا للموضة وتتحمل ذلك .. لكن: ازاي تتحملي أنتِ النقاب؟
- لا إشكال أن تحشر المرأة نفسها في ملابس تكاد تتسع لنصف وزنها أو أقل، حتى يخرج لحمها من كل فتحة متاحة في الملابس ليستغيث راغبًا في شيء من الأريحية.. لكن: ازاي تتحملي أنت النقاب؟
- لا إشكال أن تلبس الممثلة ملابس عارية تكاد لا تخفي شيئًا من جسدها في الشتاء والبرد القارص لساعات طويلة = فقط لأن دورها في التمثيل اقتضى ذلك، وتتحمل ذلك.. لكن: ازاي تتحملي أنت النقاب؟
- لا إشكال أن تتزين الموظفة في مكان العمل وتسعى جاهدة لإرضاء مديرها في العمل، بل وتعرف ما يغضبه وما يرضيه، وتخدمه بكل طاقتها = لعلها تظفر بعلاوة أو مكافأة.. لكن: ازاي أنتِ عبدة لزوجك؟
- لا إشكال أن تلتزم المرأة بالكمامة طوال اليوم خوفًا من العدوى والمرض.. لكن: إزاي تتحملي أنتِ النقاب؟
- لا إشكال في اتباع موضة الoversize أي الملابس الواسعة أو الفضفاضة.. لكن: مالك تشبهين الخيمة أنت في الطرقات؟
- لا إشكال في الـ November look وتطويل اللحية عندما تأتي من باب الموضة، هنا يتسابق الشباب في إطلاق لحاهم!
- لا إشكال في تقصير البنطال فوق الكعبين عندما يأتي من باب الموضة، هنا يتسابق الشباب لتقصير سراويلهم، ولا يُقال: يا أمة ضحكت من جهلها الأمم.. فهذه المرة يحتكمون إلى الموضة والمظهر الـ stylish
- لا إشكال في موضة البناطيل المقطوعة لتظهر شيئًا من الفخذين أو الركبتين.. ولكن كيف تتحمل أنت مظهرك المضحك باللحية؟
- لا إشكال عندما يتعمد الشاب إسقاط بنطاله حتى تظهر ملابسه الداخلية أو يظهر شيء من مؤخرته.. ولكن كيف تتحمل أنت مظهرك المضحك بالسروال القصير اتباعا للسنة؟
- لا إشكال في الDiet المتقطع عندما يوصي به طبيب التغذية للتخلص من الوزن الزائد! ولكن المشكلة الكبرى في صيام الإثنين والخميس لأنه ليس فرضًا ولكن سنة!
سبحان الله العظيم.. قال ربنا “فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ”
قال ابن كثير رحمه الله “ليس العمى عمى البصر، وإنما العمى عمى البصيرة، وإن كانت القوة الباصرة سليمة فإنها لا تنفذ إلى العبر، ولا تدري ما الخبر”
قلت: فهذه نفوس قد طُمست بصيرتها = فلم يعد ينفعها البصر أصلًا!