ومن المظاهر الخطرة في هذه المدارس الفكرية الأربع (العلمانيون والليبراليون والتنويريون واليساريون) ما يمكن تسميته حالة «الإيمان المشروط»، فهم مؤمنون بالإسلام، ومؤمنون بالوحي، بل بعضهم سيندهش لو شككت في إيمانه! لكنهم كلهم تقريبا يؤمنون بالنص القرآني أو النبوي الذي ينسجم فقط مع منظومتهم الفكرية الأيديولوجية)، ويتسلطون بالمكابرة التأويلية على كل نص يهدد هرم أولوياتهم الفكرية.
فالواحد منهم إذا ناقشته وذكرت نصا ينسجم مع ما يريد تراه متهللا مستبشرة يستزيدك، فإذا ذكرت نصا إلهيأ لا ينسجم مع منظومته تغير ذلك التعامل، فأي إزراء بالله سبحانه وتعالى أن يجعل المخلوق حكم خالقه رهن هواه ومنظومته الفكرية؟! ألهذه الدرجة يضمر تعظيم الله في القلوب؟!
أليس هذا «الإيمان المشروط» يشبه حال ذلك الفريق الذي حكى الله سبحانه نمط تعاملهم مع الرسول ة حيث يقول تعالى: [وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق ياتوا إليه مذعنين] (النور:48-49).
أليس هذا الإيمان المشروط» يشبه أيضا حال تلك الطائفة التي حكى الله مقالتها: [يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وان لن لم توتوه فاحذروا] (المائدة:1}}.
ما فرق هذه الحال عن تلك الحال؟!
تجزئة الوحي أو تقنية التبعيض ليست ظاهرة جديدة بتاتا؛ وإنما هي ظاهرة كشف الوحي لنا عنها مبكرة، حين قال تعالى: [أفتؤمنون ببعض الكتب وتكفرون ببعض] (البقرة:8)، وقال:{ إن الذين يكفرون بالله ورسله، ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله، ويقولون نومن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا}.