في الفرق بين الحكم والفتوى

في الفرق بين الحكم والفتوى | مرابط

الكاتب: معتز عبد الرحمن

324 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

تخيل أن تذهب إلى شيخ/مفتي في عام 2000م فتسأله عن حكم ارتداء قميص عليه ألوان قوس قزح أو جعلها شعارا لشركتك أو متجرك.
ثم تذهب لنفس المفتي في عام 2022 م لتسأله نفس السؤال.
ثم يشاء الله أن تنحسر الغمة قبل عام 2040م أو أن يتغير شعارها وينفصل تماما عن قوس قزح فتذهب لنفس المفتي- أطال الله بقاءه وبقاءك- فتسأله نفس السؤال.

 

هل المفترض أن تتغير الإجابة أم تظل ثابتة؟!

 

هذا مثال يخص الفرق بين الحكم والفتوى، والقدر الذي يمكن أن يتغير مع تغير المكان والزمان، كما أنه يخص جدا أهمية ادراك المفتي للواقع الذي يعيشه، وأهمية أن يعي الباحث لظروف الزمن الذي يعود إلى مصنفاته بعد عقود وقرون.

 

أولا: لو لم يكن المفتي واعيا بواقعه، لساهم في 2022م في انتشار شعار دلالته فاسدة بين فئة ملتزمة متورعة تستفتي قبل أن تفعل شيئا، وذلك من خلال فتوى الأصل العام فيها صحيح، لكنه لم يسقطها في مكانها، وهذا يفعله الكثير من أهل العلم الآن عندما يغمضون أعينهم عن واقع السائل وواقع مجتمعه ولا ينظرون لمترتبات ومآلات الإجابة، تسأله وأنت تسمع حمو بيكا فيجيبك وكأنك من جمهور المتنبي في ساقية الصاوي.

 

ثانيا: لو جاء باحث جاهل أو مغرض عام 2500 م بعد أن زالت الموجة أو تغير شعارها منذ قرون، وعاد لكتابات وفتاوى علماء القرن الخامس عشر الهجري ووجد فيها أنهم كان ينهون عن استخدام ألوان قوس قزح في الملابس والشعارات والألعاب، ماذا سيقول عنهم في الفضائيات والصحف والمواقع إياها! 
(تخيل، لقد كانوا يحرمون الألوان ويعيشون في الأبيض وأسود، ها ها ها).. 
وهذا أيضا يحدث الآن عندما يعود البعض لشيء من الفتاوى القديمة وينتقيها دون نظر لتغير المصطلح ودلالته مع الزمن أو تغير ما كان يرتبط به وينبني عليه حينها.

 

لكن هل يتغير حكم فعل قوم لوط نفسه بين 2000 و 2500، لا، لأنه حكم قطعي وليس فتوى، إنما تغيرت بعض المسائل المتعلقة بممارساته حسب اقترانها به وانفصالها عنه.

 


 

المصدر:

صفحة الكاتب على فيسبوك

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الفتوى #الحكم
اقرأ أيضا
قواعد السلف في مؤلفاتهم | مرابط
مقالات

قواعد السلف في مؤلفاتهم


أحب أن يعلم من لم يكن يعلم أن أسلافنا -رضي الله عنهم- وغفر لهم منذ ألفوا كتبهم وضعوا لها قواعد يعرفها أهل هذا العلم ويجهلها من جنح عن أصولهم وعمى عليه طريقهم. فهم منذ بدأوا يكتبون أسسوا كتبهم على إسناد الأخبار إلى رواتها وبرئوا من عهدة الرواية بهذا الإسناد ولم يبالوا بعد ذلك أن يكون الخبر صحيحا أو ضعيفا أو زائدا أو ناقصا أو موضوعا مكذوبا لأنهم كانو يعلمون حال الرواة ومنازلهم من الصدق والكذب ومن الورع والاستخفاف ومن الأمانة والهوى.وكأنهم أرادوا بهذا أن يجعلوا كتبهم في التاريخ وغير التاريخ سج...

بقلم: محمود شاكر
276
التفريط في الطاعات | مرابط
مقالات

التفريط في الطاعات


من المجربات المعلومات: أن من فرط -من غير بأس- فيما كان يتشبث به من الطاعات فإنه يفرط بعد ذلك في غيرها وغيرها ولو كانت تلك الطاعات من المستحبات المسنونات كجماعة المسجد والأذكار والأوراد والقرآن وقيام الليل والجلوس في المسجد وستر الوجه على قول من يقول باستحبابه وإلا فهو عندنا واجب ومسنونات الهدي الظاهر وغيرها ..

بقلم: كريم حلمي
385
النسبوية وما بعد الحداثة الجزء الثاني | مرابط
فكر مقالات الجندرية

النسبوية وما بعد الحداثة الجزء الثاني


النسبوية وإن كانت فلسفة قائمة بذاتها إلا أنها أيضا عماد نظريات ما بعد الحداثة وأثرها عارم في مئات الأفكار الغربية والعالمية وفي اليسار الليبرالي خاصة وسنتخير الحديث عما يوضحها لنا كموثر على المسار الفلسفي اللوطي موضحين كيف كانت تلك الفلسفة أحد أسس التكوين

بقلم: عمرو عبد العزيز
2323
تحرير نسبة الأقوال إلى أصحابها | مرابط
مقالات

تحرير نسبة الأقوال إلى أصحابها


ندرك هنا أهمية الحذر من الخطأ في نسبة الأقوال البدعية إلى الأئمة نتيجة الاعتماد على ما يرويه من تأثر ببعض البدع المحدثة حتى يصير يفسر كلام إمام من أئمة أهل السنة والأثر -كما حصل هنا مع الإمام أحمد- على قواعد أهل الكلام المناقضة لمنهجه وما علم عنه بالضرورة فلا هو حكى أقوال الإمام بألفاظها كما وردت عنه ولا هو فسرها على وفق ما علم عنه

بقلم: عبد الله القرني
519
لحظة فداء | مرابط
فكر مقالات

لحظة فداء


كل ما نعرف من رحمة الأبوة والأمومة بأطفالهم فإنه سيذهب بها هول لحظة مشاهدة النار يوم القيامة فيتمنى الأب العطوف والأم الحنون أن يتخلصوا من هذه النار حتى لو أرسلوا فلذات أكبادهم إليها يقول الحق تبارك وتعالى في مشهد مرعب: يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه أطفالهم الذين كانوا يفدونهم ويقدمونهم على أنفسهم ستأتي لحظة الفداء الكبرى التي تصعق فيها النفوس من شدة الهلع حين تسمع فوران نار يوم القيامة وشهيق لهبها وهي تأكل الناس والحجارة وأمام ذلك المشهد فإن الوالد يود لو يفتدي من عذاب يومئذ ببني...

بقلم: إبراهيم السكران
1380
نظرة الإسلام للثقة بالنفس | مرابط
فكر

نظرة الإسلام للثقة بالنفس


يقول بعض المنتسبين إلى العلم يقول: إن لفظ الثقة بالنفس لا يجوز وعللوا ذلك بأن على المرء أن يثق بالله في كل شؤونه لا بنفسه لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الدعاء: ولا تكلني لنفسي طرفة عين ويتناول علم النفس وبعض المختصين فيه من المسلمين هذا اللفظ الثقة بالنفس على أنه ضرورة ملحة لكل مسلم فما حقيقة هذا القول

بقلم: عبد الرحمن بن ناصر البراك
462