وصايا للآباء

وصايا للآباء | مرابط

الكاتب: محمد مختار الشنقيطي

396 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

 

إخواني في الله: هذه وصيةٌ إلى والدَين؛ إلى أبوَين حليمَين كريمَين؛ إلى أبٍ يخاف الله ويتقيه، ويعلم أنه مسئول بين يديه وملاقيه، وإلى أمٍ تخاف ربها، وترعى صغيرها، وتكرم بعلها، إلى أم صالحة مصلحة، هادية مهدية، ما أمست ولا أصبحت إلا هدت ودلت وأرشدت!

 

وصيةٌ إلى الوالدَين؛ إلى القلبَين الغافلَين النائمَين السادرَين، إلى من أضاع حقوق الأبناء والبنات، وترك لهم الحبل على الغارب في الملهيات والمغريات، إلى من ترك القلوب البريئة ترتع في المعاصي والشهوات، فذاقت جحيم المعاصي والمنكرات، ورتعت في الحدود والمحرمات، وبُليت بجحيم المسكرات والمخدرات.

 

إلى من أضاع حقوقها، ولم يرحم صغيرها، ولم يكرم كبيرها، إلى من أبكى الصغير، وأهان الكبير، إلى من حَمَّل الأبناء والبنات العناء، وخلَّفهم وراء ظهره في تضرع واستكانة وبكاء، إلى من لا يخاف الله ولا يتقيه، ولا يعلم أنه ملاقيه، إلى تلك القلوب القاسية، إلى تلك النفوس الظالمة الناسية.

 

إلى من أضاع حقوق الأبناء والبنات، فتركهم يرتعون في الملهيات والمغريات، وحَمَل بين يدي الله المسئوليات والتبِعات، يوم ينصب للآخرة موازينها، وينشر لها دواوينها، يوم يجادلُ الأمَّ رضيعُها، يوم يجادل الأمَّ جنينُها!

 

وصيةٌ للآباء والأمهات عن حقوق الأبناء والبنات، وهل قامت بيوت المسلمين إلا على رعاية الحقوق والذمة والدين؟! وهل قامت بيوت المسلمين إلا على التنشئة الصالحة التي ترضي الله رب العالمين؟!

 

وصيةٌ بحقوق الأبناء والبنات، قبل أن يَدْهَمَ الممات، وقبل أن يصير العبد إلى الرفات، وقبل أن يحمل بين يدي الله المسئوليات والتبِعات! ألا وإن من أجلِّ الوصايا، وأعظم الحقوق التي تُدفع بها الهموم والغموم والرزايا: أن تعلم أن الله أنْعَمَ وتَفَضَّلَ عليك بالولد وتَكَرَّم، فكان من أحق الحقوق عليك أن تشكره ولا تكفره، وألاَّ تنساه وأن تذكره، وأن تَحْمَدَ نعمة الله ومنته إذ متع عينيك، وجمَّل الولد في ناظرَيك يوم صاحت صيحتُه، يوم رأيتَه بشرًا سويًا يدب على وجه الأرض مرضيًا.

 

أيها الأحبة في الله: إن من آكد الحقوق والواجبات وأعظم الأمانات والمسئوليات التي يحملها الآباء، وتحملها الأمهات عن الأبناء والبنات: تنشئتهم على حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم: لا خير في الأبناء ولا في البنات، ولا خير في الأولاد ولا في الأحفاد إلا إذا أقمتَهم على محبة الله رب العباد، فلن تجني منهم مالًا ولا حالًا، لن تجني منهم إلا صلاحًا يرضي الله عنهم، أقِمْهم على محبة الله ومرضاتهِ، عوِّدهم على العبودية والطاعة، ومرهم بالصلاة والزكاة، ونشِّئهم على خوف الله وتقواه؛ فإن ذلك من أعظم ما تثقَّل به الموازين، وتبيَّض به الصحائف والدواوين.

 

وصايا أخرى

وصيةٌ إلى الوالدين يوم يَكْفُرُ الأبناءُ والبنات الفضائلَ، ويوم يقف الأب عند المشيب والكِبَر ينتظر من الابن البر والإحسان؛ فإذا به يفاجأ بالتمرد والعصيان، وصيةٌ إلى الوالدين يوم وقفت الأم عند مشيبها وضعفها وكِبَرها تنتظر بر ابنتها، فخابت الظنون، وتغيرت الأحوال، وسبحان الله إله الكون!

 

إذا وقفتَ هذه المواقف فاعلم أن الله هو الذي يأجرك، وأن الله هو الذي يعوض خيرك وبرك، واعلم أن ما كان منك من حسنات؛ فإنه لا يضيع عند الله فاطر الأرض والسماوات، فاحتسب الأجر عند الله يوم تجدهم كُفَّارًا للجميل.. يوم تجدهم كُفَّارًا للنعمة والفضل، واسألِ الله أن يجبر كَسْرَك، وأن يُعْظِم أجرك، وإياك وزلات اللسان التي تُذْهِبُ بها ما سَطَّرْتَ من الخير والأجور والإحسان.

 

وصيةٌ للوالدين إذا فُجع الأب وفُجعت الأم بتلك الفواجع، يوم يُقْرَع العبد بتلك القوارع، فإن الحياة فانية، وهي ذاهبة زائلة، فإذا ربَّى الأب ابنه والأم ابنتها، وجاءت عند مشيبها وكِبَرها بعد أن متع الله ناظرَيها ومتع سمعَيها بسماع تلك الصيحات، إذا بها تفاجأ بابنتها في عداد الأموات، وقد صارت إلى رفات.

 

وصيةٌ إذا نَزَلت الفواجع، وقرعت تلك القوارع أن يقول العبد ما يرضي الله، وأن يحتسب الثواب عند الله، فكلنا إلى الله صائرون، وكلنا إليه منقلبون، والله جل جلاله منه الخلف وفيه العوض من كل فائت.

 

فاحتسبي -أيتها الأم- المصاب، وارجي من الله حسن العاقبة وحسن الثواب، واحتسبي عند الله أجرها يوم فُجِعتِ بتلك المصيبة التي سمعتِها؛ فإن في الجنة بيت الحمد لمن صبر على المصاب، واسترجع وأناب، ومن الله حُسْن الأجر والثواب.

 

وصيةٌ إلى الوالدين في خضم هذه الفتن والمحن بالمحافظة على الأبناء والبنات، وعدم الغفلة عنهم بكثرة الخروج والزيارات، فإن كثيرًا من الأمهات قد أغفلن حقوق الأبناء والبنات، وأصبحت الأم لا تحفظ صغيرها، ولا ترعى طفلها، فهي كثيرة الخروج والولوج، وأصبح الأب غائبًا في تجارته، وفي شئونه وأعماله، حتى ضاع أبناء المسلمين، وحرموا الخير مِن فَقد الرعاية من الآباء والأمهات.

 

فاتقِ الله عز وجل -أيها الأب- في أبنائك وبناتك، إن حقوق الأبناء والبنات مقدمة على الأموال والتجارات. إن حقوق الأبناء والبنات مقدمة على الزيارات والمناسبات. إن حقوق الأبناء والبنات مقدمة على جميع ذلك؛ لأنها من الفرائض والواجبات. ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل ما وهب من نعمة الولد عَونًا على طاعته ومحبته، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وآخر دعوانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [يونس:10].وصلى الله وسلم وبارك على نبيه، وآله وصحبه أجمعين.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#بر-الوالدين #وصايا-للآباء
اقرأ أيضا
المذاهب الهدامة | مرابط
فكر مقالات

المذاهب الهدامة


يقول كارل ماركس وأتباعه: إن الأديان أفيون الشعوب وإن الناس يقبلون على الدين لأنه يخدرهم ويلهيهم عن شقاء الحياة وهذا القول الهراء عن الدين آخر وصف يمكن أن ينطبق عليه وأول وصف ينطبق على مذهب كارل ماركس بجميع معانيه إنه يرفع عن الضمير شعوره بالمسئولية لأنه يلقي بالمسئوليات كلها على المجتمع ويقول ويعيد للعجزة وذوي الجرائم والآثام إنهم ضحاياه المظلومون وإن التبعة كلها في عجزهم وإجرامهم واقعة عليه

بقلم: عباس محمود العقاد
2211
المرأة بين دعاة الإسلام وأدعياء التقدم ج1 | مرابط
تفريغات المرأة

المرأة بين دعاة الإسلام وأدعياء التقدم ج1


يقولون: إن المرأة تتحجب لتخفي عيوبها عن زوجها الذي يريدها فهؤلاء أقوام رأوا في أوروبا الحضارة والمدنية والرقي فظنوا أن المرأة كانت مستعبدة لا تملك من أمرها شيئا فجاءت الحضارة والمدنية الحديثة وأعطت للمرأة شيئا من حقها ولكنهم لم يقفوا عند مرحلة الاعتدال فظنوا أن من الحرية أن تختلط المرأة بالرجل والرجل بالمرأة ومن العدالة أن تتمرد المرأة على تعاليم السماء ومن المساواة أن تعمل المرأة عمل الرجل والرجل عمل المرأة فكانوا بين إفراط وتفريط

بقلم: عمر الأشقر
693
العلمانية هي الحل | مرابط
فكر مقالات العالمانية

العلمانية هي الحل


العلمانية هي الحل تظهر هذه العبارة حينا وتخفت في حين آخر بحسب حالة النفور المجتمعية من العلمانية فإذا ارتفعت حدة النفور في مجتمع معين لانتشار الوعي بحقيقة الفكرة العلمانية وما فيها من رفض للدين وعداء له انسحبت هذه العبارة من المشهد وضعف تداولها فإذا خفت حدة النفور المجتمعي طفت هذه المقولة إلى السطح

بقلم: عبد الله بن صالح العجيري وفهد بن صالح العجلان
809
توجيه النشء بين الأمس واليوم | مرابط
تفريغات

توجيه النشء بين الأمس واليوم


من المؤسف أن تجد كثيرا من الآباء والأمهات اليوم لا يعتنون بتوجيه الناشئة بآداب الإسلام لا في الطعام ولا في الشراب ولا في الدخول ولا في الخروج ولا في دخول الخلاء ولا عند المبيت ولا عند الاستيقاظ لقد تعلمنا كما قلت من عجائز جدات وأمهات ما عرفوا الدراسة ولا يعرفون الألف من الباء.

بقلم: سعد البريك
252
شهادة امرأة غربية | مرابط
اقتباسات وقطوف

شهادة امرأة غربية


كان النساء يعاملن على أنهن كائنات أدنى حتى جاء الإسلام.. في الحقيقة نحن النساء لا زلنا نعاني في الغرب حيث يعتقد الرجال أنهم أرقى من النساء. وهذا أمر من الممكن أن نراه في نظم الترقية والرواتب من عاملات التنظيف إلى النساء في مجالس الإدارة. النساء الغربيات لا زلن يعاملن كسلعة حيث الاستعباد الجنسي في علو وإن كان يتغطى تحت كنايات تسويقية حيث تروج أجساد النساء عبر عالم الإعلانات.

بقلم: إيفوني ردلي
229
استقبال رمضان | مرابط
مقالات

استقبال رمضان


منا من يرى تقصيره وغفلته وقسوة قلبه ويتساءل ماذا سيحصد في رمضان إن كان قد ضيع البذر والسقاية كما يقولون منا من يخاف من أن تحاصره أصوات المآذن وزحامات المساجد وهمهمات المرتلين ومناجاة الساجدين فتدفعه دفعا للعبادة أو تأنيب الهروب منها مع شعوره بالكسل والملل والفتور وعدم الرغبة

بقلم: كريم حلمي
424