حجج من كذبوا الرسل

حجج من كذبوا الرسل | مرابط

الكاتب: شيخ الإسلام ابن تيمية

1960 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

وعامة من كذب الرسل يعلم أن الحق معهم، وأنهم صادقون؛ لكن إما لحسدهم، وإما لإرادتهم العلو والرياسة، وإما لحبهم دينهم الذي كانوا عليه، وما يحصل لهم به من الأغراض، كأموال ورياسة وصداقة وغير ذلك، فيرون في أتباع الرسل ترك الأهواء المحبوبة إليهم، أو حصول أمور مكروهة إليهم، فيكذبونهم ويعادونهم، فيكونون من أكفر الناس، كإبليس وفرعون، مع علمهم بأنهم على الباطل، والرسل على الحق.
 
ولهذا لا يذكر الكفار حجة صحيحة تقدح في صدق الرسل، وإنما يعتمدون على مخالفة أهوائهم، كقولهم لنوح: قَالُوا "أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ" [الشعراء:111]، ومعلوم أن أتباع الأزلين لا يقدح في صدقه، لكن كرهوا مشاركة أولئك، كما طلب المشركون من النبي صلى الله عليه وسلم إبعاد الضعفاء، كسعد بن أبي وقاص وابن مسعود وخباب بن الأرت وعمار بن يسار وغيرهم، فأنزل الله تبارك وتعالى: "وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ"
 
ومثل قول فرعون "فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ" [المؤمنون: 47]، قال فرعون "قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ" [الشعراء: 18-19].
ومثل قول مشركي العرب "إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا" [القصص: 57]، قال الله تعالى "أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا" [القصص: 57].
ومثل قول قوم شعيب له "أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء" [هود: 87]
ومثل قول عامة المشركين "إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ" [الزخرف: 23].
 
ومثل هذه الأمور وأمثالها ليست حججا تقدح في صدق الرسل، بل تبين أنها تخالف إرادتهم وأهواءهم وعاداتهم؛ فلذلك لم يتبعوهم، وهؤلاء كلهم كفار.

 


 

المصدر:

  1. ابن تيمية، الإيمان، تحقيق الألباني، ص180 بتصرف.
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#ابن-تيمية #تكذيب-الرسل #الإيمان
اقرأ أيضا
لماذا يختلف العلماء | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات

لماذا يختلف العلماء


إذا كان الوحي موجود محفوظ بين يدي العلماء فلماذا ينشأ بينهم الخلاف وماذا يجب على المسلم أن يفعل تجاه هذه الخلافات وكيف يتعامل معها كل هذه التساؤلات تدور في أذهاننا بين الفينة والأخرى وفي المقال إجابة عليها جميعا للكاتب أحمد يوسف السيد

بقلم: أحمد يوسف السيد
2148
من مقومات المجتمع المسلم: العدل | مرابط
فكر تفريغات

من مقومات المجتمع المسلم: العدل


العدل مطلوب من هذه الأمة بالذات بل من كل أحد وهو محبب إلى النفوس جميعا وتطلبه كل الفطر والعقول في المجتمعات كافة الكافر منها والمؤمن فكلها تريد العدل وكلها تدعيه وتحبه وتنشده ولكن الأمة التي تعرف الحق وهديت إلى الحق وبه يعدلون هي هذه الأمة والحمد لله

بقلم: د سفر الحوالي
559
الإخلال بوقت الأذان | مرابط
تفريغات

الإخلال بوقت الأذان


من الناس من يؤذن قبل الوقت وخاصة في رمضان يؤذن بعضهم أذان الفجر الثاني قبل الوقت فإذا قلت له: لماذا قال لك: أذان على سبيل الاحتياط حتى يمسك الناس عن الأكل والسحور وهذا الاحتياط غلط بل لا مجال للاحتياط في هذا الباب

بقلم: سلمان العودة
365
هوان الذنوب بتكرارها | مرابط
اقتباسات وقطوف

هوان الذنوب بتكرارها


أحيانا ترى الناس تستعظم ذنبا من الذنوب ويتخذون مواقف صارمة تجاه فاعله بينما هناك ذنوب أخرى أكبر وأعظم عند الله تعالى ولكن الناس لا يتخذون تجاهها نفس الموقف وفي هذا المقتطف يحلل أبو حامد الغزالي هذه الظاهرة ويرجعها إلى الإلف فما اعتاد الناس على رؤيته يسقط وقعه في قلوبهم على عكس الذنوب التي لم يعتدها الناس ولم تنتشر بينهم

بقلم: أبو حامد الغزالي
1914
صناعة الثقافة | مرابط
اقتباسات وقطوف ثقافة

صناعة الثقافة


إن أدورنو يرى أن الفرد في المجتمع أصبح يوصم بالجهل ليس فقط لأنه لا يملك القدرة على الكلام على الطراز الحديث بل لأنه لا يسير على هذا الطراز فأصبح مجرد عدم السير مع الموضة التي تفرض على المجتمع والتي يظن أنه هو الذي فرضها أصبح جهلا

بقلم: محمد علي فرح
504
التأويل المذموم | مرابط
أباطيل وشبهات فكر مقالات

التأويل المذموم


مصطلح التأويل من أكثر المصطلحات تداولا لدى الفرق العقدية وأكثرها حضورا في كتبهم وأقوالهم إذ كان من حججهم الكبار في تحريف النص وفي هذا المقال يناقش الدكتور فهد بن صالح العجلان قضية التأويل ويوضح لنا ماهية التأويل الفاسد وكلام العلماء عنه وكيف يصل في النهاية إلى تحريف النصوص الواضحة عن معناها ومقصدها

بقلم: فهد بن صالح العجلان
3231