مشهد السفينة واللجوء إلى الله

مشهد السفينة واللجوء إلى الله | مرابط

الكاتب: إبراهيم السكران

259 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

تأمل كيف يعاتبنا على ذلك، يقول الله في سورة يونس:

(حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[يونس، 22-23].

يا لبلاغة القرآن .. والله لا زال هذا المشهد يتكرر منذ أنزل الله هذه الآيات إلى يوم الناس هذا!

وهذا المشهد المذكور في سورة يونس شرحته آية أخرى مشابهة في سورة الإسراء، وكشفت آية الإسراء جهل العقل البشري، وكيف يغفل عن أخطار أخرى حتى لو سلم في رحلته التي نجا فيها، يقول الله مرةً أخرى عن وسائل النقل:

(وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا) [الإسراء، 67-69]

تأمل كيف تشير الآية إلى جهل الإنسان حيث يظن أنه إذا وصل البر أمِن ولذلك يغفل! والقرآن ينبهه أنه حتى لو نزل على الأرض فقد يكون تحت خطر عقوبة أشد كالخسف بالأرض كما حصل لقارون، أو الرمي بالحصباء كما حصل لقرية سدوم..

ثم ينبه القرآن تنبيهًا أعجب وهو أنه يامن نجوت هذه المرة من الخطر ووصلت البر، قد تعود مرةً أخرى إلى وسيلة النقل ذاتها فتهلك هلاكًا أشد حين تقصم الريح مراكبك..

وتشير آية أخرى إلى تفاوت الناس بعد زوال لحظة الخطر على وسيلة النقل: (وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ)[لقمان، 32]

هذه الصورة التي يكررها القرآن عن السفر بالسفن واليخوت انقلها بحذافيرها إلى وسيلة نقل مشابهة كالطائرة أو القطارات أو السيارات وتأمل كيف يكون الإنسان فيها قلقًا، وخصوصًا إذا مر بظروف طبيعية، كرياح تثير الاضطراب، ثم إذا نزل على الأرض نسي استكانته وتضرعه وعزيمته على الاستقامة.. تذكر هذه الصورة التي نمر بها وأعد قراءة آية يونس وآية الإسراء السابقتين تنكشف لك من معاني الإيمان والتعلق بالله مالم يخطر ببالك..

والمقصود أن ينظر متدبر القرآن كيف يريد الله قلوبًا تستديم التعلق به في حال الخطر والسلامة.. إنه الخيط الناظم والحقيقة الكبرى في القرآن، وهو استمرار حركة القلب بالإيمان بالله والتعلق به سبحانه..

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الخيط-الناظم
اقرأ أيضا
إظهار المنكرات | مرابط
اقتباسات وقطوف

إظهار المنكرات


مقتطف لشيخ الإسلام ابن تيمية يتحدث عن المظهرين للذنوب فالرجل من المسلمين لو جاهر بالذنب وجب على المسلمين أن يبغضوه بقدر ما أظهر من الذنب وأن يظهروا له الخير إذا تاب إلى الله وتراجع عن ذنبه وفي المقتطف نماذج عملية من السيرة

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
602
لماذا نحب الرسول الجزء الثالث | مرابط
تفريغات

لماذا نحب الرسول الجزء الثالث


آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهبت هذه الآثار كانت عندما كان الرسول صلى الله عليه وسلم حيا أو ما بقي منها مع الصحابة بعد موته لكن الآن آثاره صلى الله عليه وسلم فقدت ويصعب نسبتها إليه عليه السلام أي: بعض الناس يقولون: في تركيا هناك شعرة وسيف لكن ليس بمؤكد نسبتها له صلى الله عليه وسلم فلذلك لا يجوز التبرك بشيء منها بعد موته مادمنا غير متأكدين من أنها له عليه الصلاة والسلام

بقلم: محمد المنجد
808
الأدب مع الله | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

الأدب مع الله


وتأمل أحوال الرسل صلوات الله وسلامه عليهم مع الله وخطابهم وسؤالهم كيف تجدها كلها مشحونة بالأدب قائمة به وهنا يذكر لنا ابن قيم الجوزية رحمه الله نماذج من خطاب الأنبياء والرسل مع الله تعالى وكيف تتجلى فيها معالم وملامح الأدب الكبير حتى في أدق التفاصيل

بقلم: ابن قيم الجوزية
2232
التغريب: الأهداف والأساليب ج2 | مرابط
فكر تفريغات أبحاث

التغريب: الأهداف والأساليب ج2


التغريب مصطلح يطلق على الانسياق وراء الحضارة الغربية سواء في الاعتقاد أو الاقتصاد أو غير ذلك وقد سعى الغرب في تغريب الأمة الإسلامية بشتى الوسائل والتي منها: الاستعمار العسكري والفكري ونشر مدارس التغريب في بلاد المسلمين والابتعاث ولكون التغريب يشكل خطرا على المسلمين في دينهم وجب مواجهته بشتى السبل والتي منها: التمسك بالإسلام الحق وفضح مدارس التغريب ونشر العلم الشرعي وما أشبه ذلك

بقلم: عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
2529
أوقات الحفظ | مرابط
اقتباسات وقطوف

أوقات الحفظ


مقتطف هام لابن الجوزي من كتابه صيد الخاطر يتحدث فيه عن الحفظ يحدثنا فيه عن أوقات الحفظ وأماكن الحفظ وما يحفظ وما لا يحفظ وغير ذلك من الإضاءات الهامة لكل من يعاني مشكلة في الحفظ أو يرغب في زيادة قدرته على ذلك

بقلم: ابن الجوزي
565
أيديولوجية المساواة | مرابط
النسوية

أيديولوجية المساواة


مبادئ أفلاطون جعلت أحد علماء الغرب يصف ويوضح خطورتها ومفاسدها على المرأة فأي انزلاق وخطر أعظم من تخلي المرأة عن مسؤوليتها تجاه الأسرة والتربية وحفظ النسل والأمومة بل والتخلي عن أنوثتها لتتساوى وتتماثل -رغم الفروق الداخلية والخارجية- مع الرجل

بقلم: سامية بنت مضحي بن فهد العنزي
695