المذاهب والفرق المعاصرة: الديمقراطية ج3

المذاهب والفرق المعاصرة: الديمقراطية ج3 | مرابط

الكاتب: عبد الرحيم السلمي

749 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

من عيوب الديمقراطية: السيطرة الرأسمالية

العيب الثالث: أن الديمقراطية هي عبارة عن سيطرة الطبقة الغنية التي تسمى الرأسمالية، وتحكمها في صنع القرار، فإن أفكار الناس تتكون من خلال الإعلام الذي يصنع الرأي العام ويؤثر فيه. وهو الذي يجعل الناس يميلون إلى هذا الحزب أو يتركونه إلى آخر أو يميلون إلى هذا الطرح أو يكرهونه، ونحو ذلك. والإعلام المشهود -الذي يرى بالعين- والمقروء -مثل الصحافة وغير ذلك- له تأثير كبير جدًا في صنع الرأي العام والفكرة العامة. وصنع الرأي العام والفكر العام بالنسبة للإعلام أمر معروف ويدرسه الإعلاميون ويصرحون به وهو واضح.
والذي يمتلك الإعلام في النظام الديمقراطي هو الذي يملك المال، فهو يستطيع أن يطبع آلاف وملايين الصحف والمجلات، ويمتلك عشرات القنوات التلفازية، ويمتلك كثيرًا من أدوات الاتصال.

إذًا: في الحقيقة الرأي العام يتكون من خلال الإعلام، والإعلام يمتلكه الرأسماليون. فالديمقراطية هي حكم الرأسماليين.

فليست الديمقراطية في الحقيقة حكم الشعب، وإن كان في الظاهر أن الإنسان ينتخب من يشاء، ولكنهم يتصرفون في عقله، والناس ليسوا على درجة واحدة من الذكاء، والنخبة من الأذكياء والعقلاء قلة في أي مجتمع من المجتمعات، وأكثر الناس غوغاء، ويؤثر فيهم من تكلم، ويندر من الناس الذي يحقق ويدقق ويمحص.

والديمقراطية تعتمد على الأكثرية، ولا تعتمد على النخبة. فمثلًا: لو أن النخبة كونوا حزبًا والغوغاء كونوا حزبًا آخر لصار الحكم للغوغاء؛ لأن الغوغاء هم الأكثرية.

وأكثر البشر في أي مجتمع من المجتمعات هم العوام الذين ينشغلون بمصالحهم الدنيوية، والذين يؤثر فيهم الكلام الخطابي والحماس. ولهذا نلاحظ أن النواب الذين يحاولون الفوز في الانتخابات يقومون بعمل جولات انتخابية، وينتقلون بين المناطق، ويخطبون في الناس، ويعدونهم بأن يفعلوا لهم كذا وكذا، فإذا فرحوا به رشحوه، ثم يجربونه في فترته الانتخابية فإن فشل في تحقيق وعوده مثلًا انتخبوا شخصًا آخر غيره جاء بوعود أخرى.

فالحكم في الديمقراطية للغوغاء وليس للنخبة. والنخبة من العقلاء في الأمة إذا لم تكن لديهم أموال ولا قنوات يؤثرون بها على الجمهور فلن يكون لهم حكم لا من قريب ولا من بعيد في النظام الديمقراطي.

فالديمقراطية في حقيقتها ديكتاتورية من وجه آخر، حيث يمتلك الرأسماليون الأموال التي يمتلكون بها الإعلام ويؤثرون بها في الناس.

والإعلام العالمي اليوم يمتلكه اليهود، وهذا أمر واضح، ويمكن مراجعة كتاب: السيطرة اليهودية على الإعلام العالمي للأستاذ أحمد الرفاعي، فإنه تتبع الصحف الغربية المشهورة، وتتبع القنوات الغربية المشهورة، فذكر عن كل صحيفة من الصحف المسئول عنها ومن الذي يدعمها، وبين عقيدته التي يدين بها وهو كتاب دقيق ومؤثر ويعتمد على الحقائق العلمية.

فالذين يؤثرون إذًا في عقليات الناس هم اليهود. وانظروا على سبيل المثال عندما توفيت ديانا، فقد تغير العالم بأكمله على وفاة امرأة، وكأنه لم يمت إلا امرأة واحدة، وكأن هذه المرأة هي التي تمتلك الجنة، أو أنها هي التي تمتلك الخير للناس، حتى إن الإعلام في بلدان المسلمين تأثر بهم، فتأثرت الصحف والقنوات المتلفزة في أكثر العالم الإسلامي بها، بل وجد في مجتمعنا من تكلم عن هذه المرأة، وأصبحت تغطي أخبارها في أكثر من صفحة بشكل دائم. وقبل وفاتها كانوا يتابعونها متابعة دقيقة مع عشيقها، وأنها انتقلت من هذا المكان إلى المكان الآخر إلى المكان الثالث، إلى المكان الذي يليه.

وتفسير هذا الوضع هو أن الإعلام في بلدان المسلمين يقلد الإعلام العالمي. والإعلام العالمي يمتلكه اليهود. واليهود لهم مصالح كبيرة جدًا في إبراز هذه المرأة. وهذه المصالح هي:

المصلحة الأولى: نشر الفساد بين بنات المسلمين وبين عموم النساء بهذا الطريق.

واليهود لهم طرق متعددة في نشر هذا الأمر. وهذا وسيلة من الوسائل. وإلا فما الفائدة من متابعة هذه المرأة مع عشيقها هنا وهناك بهذه الطريقة، فقلدهم العالم الإسلامي، حتى إن بعض الكتاب كتب مقالًا يقول: إلى جنة الخلد يا ديانا، وبعضهم حكم بأنها في الجنة! حتى أصبحت بنات المسلمين العاديات في مجتمعنا يقلن: وما يدريك أنها أسلمت؟! وتتعجب من حماس هؤلاء لهذه المرأة مع أن أي امرأة غربية أخرى تموت ما ندري لعلها أسلمت. فلماذا افتراض الإسلام في هذه المرأة أكثر من افتراض الإسلام في أي امرأة أخرى؟! لكن لوجود التأثر الكبير من الإعلام العالمي حصل هذا.

ومثال آخر: الفضائح الجنسية التي نشرت للرئيس الأمريكي كلينتون، ما الفائدة منها؟ حتى إن بعض الصحف مع الأسف التي تنتسب إلى بعض البلدان الإسلامية نقلت كلام المرأة مفصلًا، وأنها تعاملت معه بالطريقة الجنسية الفلانية. وهكذا بهذه الأساليب المقيتة الخبيثة التي لا تمت إلى القيم والآداب الإسلامية بوجه من الوجوه.

إذًا: الإعلام هو الذي يشكل الرأي العام في أي مجتمع من المجتمعات.

 

من عيوب الديمقراطية: المصالح الفردية

العيب الرابع من عيوب الديمقراطية -وعيوبها كثيرة-:
تعارض المصالح الفردية والمصالح الجماعية. فإن الديمقراطية من حيث هي منهج ونظرية تصور لكل إنسان أنه سيحقق رغبته كما يراها، بينما الواقع العملي لها هو أن الذي يحقق رغبته هم مجموعة محددة كما بينا.

أما الديمقراطية المستوردة التي استوردها كثير أو بعض بلدان المسلمين فقد أصبحت مطية وحذاء ونعالًا ينتعلها هؤلاء متى شاءوا ويتركونها متى شاءوا. فينتعلونها في مصالحهم ويقذفون بها في غير مصالحهم، وأصبحت لعبة يتلاعب بها كثير من الناس.

 


 

المصدر:

محاضرة الديمقراطية من سلسلة المذاهب والفرق المعاصرة للشيخ عبد الرحيم السلمي

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الديمقراطية
اقرأ أيضا
ضوابط الخلاف الفقهي | مرابط
تفريغات

ضوابط الخلاف الفقهي


تفريغ لجزء من محاضرة للشيخ الألباني يرد فيها على سؤال وصله من أحد الطلاب وهو: ما رأيكم في هذه العبارة التي قررها كاتب إسلامي كبير قال هذا الكاتب: والبدعة الإضافية والتركية والالتزام بها في العبادات المطلقة خلاف فقهي لكل فيه رأيه ولا بأس بتمحيص الحقيقة بالدليل

بقلم: الشيخ الألباني
1072
الأسس الفكرية لليبرالية: الفردية ج1 | مرابط
فكر مقالات الليبرالية

الأسس الفكرية لليبرالية: الفردية ج1


الفردية هي السمة الأساسية الأولى لعصر النهضة وهي من أهم أسس وأعمدة الليبرالية وقد ارتبطت الحرية بالفردية ارتباطا وثيقا فأصبحت الفردية تعني استقلال الفرد وحريته ولكن الفردية نفسها لها أكثر من مفهوم مثل المفهوم البراجماتي والمفهوم التقليدي وفي هذا المقال يستعرض لنا المؤلف المفهومين وكلام رواد الليبرالية حولهما

بقلم: د عبد الرحيم بن صمايل السلمي
2627
المؤامرة على المرأة المسلمة ج2 | مرابط
تفريغات المرأة

المؤامرة على المرأة المسلمة ج2


وعندما قامت الثورة الفرنسية مطالبة بما أسموه حقوق الإنسان وحرية الإنسان حصلت المرأة على شيء مما يمكن أن نعتبره اعتراف بأنها إنسان وبأن لها روح وبأنها بشر وأخذ المفكرون والأدباء يدعون إلى ذلك وإن كانت دعوتهم تتلبس بالرذيلة والكلام عن البغايا والرأفة بهن والشفقة عليهن وتتحدث عن الراهبات وأنهن منافقات ويزنين في السر وما أشبه ذلك لكن بدأ هناك شعور في أوروبا أن للمرأة روحا وأنها إنسان وليست بشيطان

بقلم: سفر الحوالي
696
في معاني تفضيل عشر ذي الحجة | مرابط
تفريغات

في معاني تفضيل عشر ذي الحجة


من مقتضيات ومعاني التفضيل لهذه العشر: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل فيها محترزات ومنهيات في بعض الأعمال فالزمن والمكان الذي يقع فيه نهي بفعل من الأفعال آكد من غيره لأن هذا تعظيم له ومكة أعظم من غيرها لأنها حرم فيحرم أن ينفر الصيد وكذلك أن يعضد الشوك ونحو ذلك.

بقلم: عبد العزيز الطريفي
348
سلسلة كيف تصبح عالما الدرس الأول ج1 | مرابط
تفريغات

سلسلة كيف تصبح عالما الدرس الأول ج1


يجب على الإنسان أن يقف ويتفكر ويتدبر في كل الأحداث التي مرت قبل ذلك بأمتنا ليخرج منها بالعبرة واسألوا أنفسكم: لماذا نزلت الرسالة النبوية في بلد كمكة ولماذا هاجر صلى الله عليه وسلم إلى بلد كالمدينة والجو -كما تعلمون- حار والصحراء قاحلة والمياه نادرة والهواء ساخن نحن لا نستطيع أن نتحمل إلا بضعة أيام نقضيها في العمرة أو في الحج مع وجود المكيفات والمراوح ووسائل الرفاهية الكثيرة فهذا يدل على أن الدعوة والأمة لا تنشأ إلا في جو صعب يربي الناس تربية قوية راسخة على تحمل المشاق في سبيل الله عز وجل

بقلم: د راغب السرجاني
810
مسالك النقد التيمي للمذهب الأشعري | مرابط
مناظرات مناقشات

مسالك النقد التيمي للمذهب الأشعري


يعد ابن تيمية من أشهر العلماء الذين قاموا بنقد المذهب الأشعري ومن أكثرهم توغلا في تتيع تفاصيله بالنقض والاعتراض. وقد سلك في نقده للمذهب الأشعري عددا من المسالك المنهجية هي أشبه بالمداخل العلمية الكبرى التي يجب أن تحاكم إليها كل المذاهب العقدية.

بقلم: د. سلطان العميري
671